Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالرحمن عربي المغربي

هكذا هي مصر

A A
بالطبع ليست هي المرة الأولى التي أزور فيها مصر الشهامة، مصر الابتسامة والعروبة، وأرى ذلك الشعب الأصيل تقديرًا ومحبة، وأشاهد النيل وضفته التي تقابله، هكذا هي مصر أرض الكنانة والحكايات المشبعة بالحب والغرام تتناثر فيها تلك المعالم الصغيرة والمساحات التي تجذبك وتنساق إليها في ذلك الشتاء الأنيق عبر النيل وأنت ترى العبارة تتمايل عائمة وكأنك تسمع أحاديثهم الجميلة وتدهشك تلك الآثار والفنادق العتيقة وتأخذك الجهة المقابلة للنيل لتحدث نفسك بتلك العظمة والتاريخ وتتذكر تلك القراءات عن الذين يسمرون في النوبة وآثار الأقصر.

أوقات مختلفة لهذه الزيارة كان الطقس شديد البرودة ولكن شهامة هذا الشعب وأصالته تشعرك بأن مفرداتهم الجميلة بل الأنيقة تجعلك في حالة من الرضا، بدأنا الرحلة مع الرجل الذي يحمل اسمه كل التفاؤل (إسلام) الذي يقود السيارة بكثير من الاهتمام والحرص، كان يتحدث بأدب جم وموسيقى كوكب الشرق تشدو أغنيتها الجميلة (أسأل روحك)، وأثناء حديثنا أخبرت (إسلام) بأنني تذكرت بيتًا من قصيدة الشاعرة السعودية نادية إسماعيل (شمس العروبة):

يا مصر أشرق وجهك البراق

وتنهدت في جوفك الأشواق

وتحدثت معه عن العلاقة المتينة والقوية والراسخة في الجذور بين مصر الكنانة والمملكة العربية السعودية، كان حديثًا شيقًا، وأثناء الرحلة تذكرت شاعرنا الأنيق المهذب علي بن يوسف محافظ العرضيات حيث دائمًا يأخذنا الحديث عن تفاصيل وأسرار وفلسفة مصر التاريخ.. نعم يا شاعرنا، فنجان القهوة بمقهى نجيب محفوظ في الحسين، والعتبة والأزبكية وترى بعينك في كل حارة أثرًا من فلسفة مصر وحاضرها، نعم ياعلي.. حين تعلو قمة المقطم ترى روعة المكان وسر العبقرية ويجعل ذلك كل المناظر تتلاشى في عينيك لتبقى الصورة التي تود أن تكون لمصر.

الشاعر المعروف أحمد شوقي يقول:

إن تسألي عن مصر حواء القرى

وقرارة التاريخ والآثار

قامت على النيل العهيد عهيدة

تكسوه ثوب الفجر وهي عوار

أخيرًا.. كانت الرحلة كسيمفونية فيها الحكايات تشبه تحليق الفراشات حول الضوء وكان الحديث مع (إسلام) يشبه تسلل خيوط الفجر إلى النوافذ العتيقة، كان صوته لا يمكن أن يخطئه حس المتذوق والراقي، رغم بساطته يتحدث بروح محلقة وحسٍّ ووجدان عميق.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store