Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالعزيز حسين الصويغ

جبل الثلج !!

A A
إن تفسير ما حدث في دول «الربيع العربي» بأنه جاء نتيجة للظروف الاقتصادية القاسية التي تمر بها الدول التي شهدت انتفاضة الشعوب فيها ليس كلاماً دقيقاً، فـ»ليبيا» التي كان الحدث فيها عنيفاً لم يقد فقط إلى ثورة شعبية جامحة بل وإلى قتل والتمثيل بقائد ثورة الفاتح «العظيمة»، (الزعيم والأخ القائد وملك ملوك أفريقيا العقيد معمر القذافي)، هي من أغنى البلاد العربية وكان شعبها إلى حد كبير يعيش رفاهية لا تعرفها كثير من دول الجوار العربية.

***

الثورات الشعبية لا تقف عند حدود الواقع الاقتصادي، ولكنها تتجاوز ذلك إلى المناخ السياسي بما يفرزه من حريات، إذ إن فتح أبواب الديمقراطية وشفافية الانتخابات العامة واقتراب السلطة من الشارع وغياب البطش واحترام آدمية المواطن هي كلها أسباب أخرى لا تقل أهمية عن الأولى. وهكذا، فإن القمع والقهر وغياب الديمقراطية وتهاوي الحريات وتدهور حقوق الإنسان هي كلها أسباب تمثل في مجملها جرس إنذار قوي يؤكد أن الدنيا تتغير، وأن العالم يتحول، وأن المجتمعات وهي في طريقها إلى الحداثة تحتاج إلى انسجامٍ مطلوب بين منظومة القيم السائدة في جانب وتكنولوجيا العصر في جانب آخر.

***

ولقد أثبتت ثورات الربيع العربي من جهة أخرى ليس فقط سهولة انتقال إحباطات المواطن إلى البلدان المجاورة، بل وسرعة انتقال هذه العدوى. فقد كسرت الثورة المعلوماتية الحاجز الذي كان يفصل الشعوب وبعضها البعض، وأصبح ما يحدث في دولة منها يصل بكل تفاصيله الدقيقة إلى كافة الدول الأخرى... فيتفاعل معه الناس ويتأثرون به، خاصة إذا تشابهت الظروف وتناغمت المشكلات. لذا فإننا نعتقد أن ما حدث في بلدان الربيع العربي ما هو إلا قمة جبل الجليد، أو ما هو ظاهر على سطح جبل الثلج العربي، أما الجزء الغاطس فأكبر كثيراً.

#نافذة:

الشعوب لا تثور فقط لأسباب تتصل بأمعائها ولكنها تثور من أجل كرامتها واسترداد قدرتها على العطاء المتبادل بينها وبين دولها.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store