Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاتن محمد حسين

الأرض الطيبة.. والتنمية الزراعية المستدامة (2)

A A
لا شك أن القرار التاريخي بإعادة الاعتماد على الزراعة من خلال برنامج التنمية الريفية الزراعية الذي دشنه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- لهو قرار تاريخي صائب وخطوة رائدة في إعادة الزراعة كمورد اقتصادي ضخم للدولة وله مكاسب اجتماعية واقتصادية تفوق ما خصص له من مبالغ.. ولكن نحتاج الى كثير من التروي والدراسة لخطواتنا الإصلاحية، فحتى قرار وزارة البيئة والمياه والزراعة بإيقاف زراعة الأعلاف؛ لأنها تستهلك كميات كبيرة من المياه نتمنى أن تعيد الوزارة النظر فيه؛ لأن ذلك يؤدي إلى الاستغناء عن سلع بسيطة.. وحتى لا نكتشف بعد عدد من السنين أن ذلك القرار خطأ استراتيجي آخر لسلع يمكن توفيرها بدلاً من استيرادها، مع دراسات مستفيضة ومراكز أبحاث؛ فحتى وسط نجد وهو الربع الخالي يوجد به كميات هائلة من المياه الجوفية والآبار التي لو اُستغلت تماماً لوفرنا الكثير لاقتصادنا الوطني من الزراعة..

كل ما نحتاجه هو إحياء (ثقافة الزراعة) لأبناء المزارعين وبذلك نوفر الآلاف من الوظائف للشباب، وفي كل أرجاء وطننا الغالي.. من إحساء وقصيم الشرقية إلى الطائف والباحة وبني مالك وبني حارث غرباً، ومن الجوف وتبوك شمالاً إلى جيزان ونجران جنوباً.. كلها نماذج للأرض الطيبة الغنية بخيراتها الزراعية التي تضاهي المنتوجات العالمية.

كذلك نحتاج إلى الاستفادة من خريجي (الهندسة المدنية) وهم بالآلاف وعاطلون عن العمل في بناء السدود وإيجاد بنى تحتية للخزن الإستراتيجي للماء على غرار ما تقوم به اليابان في خزنها الإستراتيجي لمياه الأمطار..

بل نحتاج إلى كليات (للهندسة الزراعية) في جميع جامعات المملكة، فالمدرجات على الجبال وفي السهول وفي الآبار والعيون مثل عيون ينبع النخل، والتي كانت أكثر من 360 عيناً فأصبح لا يعمل بها الآن سوى (11عيناً) وذلك لعدم وجود مختصين في علاج المشكلات القائمة فعيون (ينبع النخل) يمكن أن توفر التمور ليس على مستوى الوطن بل على المستوى العالمي بالاشتراك مع (سلة الشرق) الغذائية الأحساء والتي يوجد بها أكثر من 28 مليون نخلة توفر 15% من إنتاج العالم..

نحتاج أيضاً إلى التأهيل والتدريب للعاملين الحاليين في القطاع الزراعي والاستفادة من خبرات الدول المتقدمة في الزراعة ولنا في تجربة الجوف ونجاحها في زراعة الزيتون والفواكه وخاصة الحمضيات أكبر دليل أنه حين توجه الأهداف الإستراتيجية تكون المخرجات عالية الجودة.

وقد أحسن صاحب السمو الملكي أمير منطقة المدينة المنورة / فيصل بن سلمان بن عبد العزيز في دعمه للكفاءات البيئية لزيادة المسطحات الخضراء، لما لذلك من أهمية بيئية واقتصادية واجتماعية في تحسين جودة الحياة للأهالي. ونتمنى أن تعمل جميع أمانات المدن على هذه الإستراتيجية، وأن يعاد إحياء يوم الشجرة بإشراك جميع شرائح المجتمع وخاصة المدارس والجامعات في التشجير وغرس الحدائق وإعادة المسطحات الخضراء فالغرس والزرع في الإسلام قيمة محببة كما قال الرسول: لو قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها.

إذن لا نتكئ على وهم شح المياه بل نعمل كل ما بوسعنا لإعطاء قيمة مضافة لاقتصادنا الوطني من الزراعة والذي سيكون متناغماً مع رؤية المملكة 2030م التي تسعى لتنويع مصادر الدخل والاستثمار في الموارد الطبيعية وتحويلها إلى قاعدة اقتصادية قوية لوطننا الغالي.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store