Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. عادل خميس الزهراني

التغريد الأدبي في تويتر بوصفه جنسًا أدبيًا جديدًا!!!

A A
أشارك اليوم بورقة علمية تحت هذا العنوان في ملتقى قراءة النص العريق بنادي جدة الأدبي.. هذا الملتقى أضحى تقليداً، بل علامة تستدل بها التقاليد الثقافية الجادة طريقها في المملكة. وأعلم أن العنوان إشكالي.. وأن زملاء التخصص لا يوافقونني بالضرورة في مذهبي هذا. لكني أقول دوماً إن الأجناس الأدبية تتكاثر، وتنبثق من بعضها البعض بناء على التغيرات التي يشهدها الأدب في عصر ما، ولا يعني انبثاق جنس ما -بالضرورة- موت الجنس الآخر الذي انبثق منه، فالأجناس كما يرى تودوروف «لا تمّحي وإنما تتجدد بظهور أجناس جديدة بدل الأجناس المعروفة». من هنا يمكن أن نلمس في الأجناس التي تكون التقنية الحديثة خلف ظهورها سماتٍ فنيةً من أجناس وأنواع سابقة؛ فالمدونات -على سبيل المثال- تضم مقالات وقصصاً قصيرةً وخواطر أدبية، كما أن الرواية التفاعلية (الإلكترونية) تحمل معظم عناصر الرواية.. لكن العامل الذي يؤدي إلى ظهور النوع الجديد ليس فنياً بحتاً في حالة تويتر؛ بل هو تقني يخص وعاء النشر. فالإمكانات التي تتيحها وسائل التقنية تساهم في إبراز سمات ومظاهر معينة في الكتابة الأدبية ينتج عنها أشكال جديدة لا تتوفر لها ذات الظروف في أوعية أخرى.

وهكذا يوفر موقع تويتر ظروفاً خاصة به، بداية بمفهوم الكتابة الذي يطوعه كما يشاء؛ مروراً بمستوى الحرية التي يتيحها للكاتب، وانتهاء بعملية التفاعل مع المتلقي. تقوم الفكرة الأساسية في المشاركة في موقع تويتر على مفهوم التغريد السريع؛ فالمشارِكُ يعلم منذ البداية أنه يدلف إلى عالم يمثل التغريد -المحايد- سمته الأساسية، لا فرق في ذلك، سواء كان ينوي كتابة خبر أو خاطرة أو بيت شعر، أو حتى أن يشارك بصورة أو رابط يقود إلى موقع آخر.

فهذا وعاء يعتمد على التغريد السريع الذي ينقله هذا الطائر الصغير الأزرق، أو -كما يقترح الغذامي- «العصفورة» التي تقوم بأخذ الرسالة ونقلها إلى عالم لا محدود الأفق بالاعتماد على خاصيتي المتابِعين والمتابَعين.

هذه البيئة الخاصة التي يوفرها موقع تويتر تجعلني أذهب إلى انبثاق جنس أدبي جديد من عباءة تويتر، يمكن تسميته بـ(التغريد الأدبي).. هذا الجنس يقتصر على ما يكتب أساساً لكي ينشر في موقع تويتر كشرط فني، وإن وجد طريقه بعد ذلك إلى أوعية نشر أخرى.

أي أن ما كُتب -ويُكتب- خارج إطار الموقع، أو بعيداً عن قصدية بثه عبر تويتر أساساً، لا يصح ضمه تحت هذا الجنس الأدبي، لعدم توفر الشرط الفني (الكتابة وفقاً لظروف معينة، تستحضر إمكانيات تويتر الفنية والتفاعلية).

التغريد الأدبي إذن هو ذلك النوع من الكتابة الذي يعتمد التدوينات المختصرة لبثها عبر موقع تويتر.. وعليه لا تكون القصة القصيرة جداً (تغريدة قصصية) إلا إذا أُلّفتْ من الأساس لغرض النشر في تويتر. ويمكن الإشارة في هذا السياق إلى المبادرة التي قام بها الروائي السعودي عبده خال، حين طلب من متابعيه أن يؤلفوا قصصاً قصيرة جداً، على وسمٍ (هاشتاق) أطلقه. ثم قام بعد ذلك باختيار عدد منها لينشره في كتاب مستقل بعنوان شقشقات: نصوص من عش الطائر الأزرق، عن دار مدارك للنشر والتوزيع، في العام 2014.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store