Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالعزيز معتوق حسنين

شتان بين النقد والانتقاد

A A
كثرت في الآونة الأخيرة الانتقادات، وقبل أن أبدأ حديثي معكم أود التنويه على أن ما سأتحدث عنه هنا ليس الأحقية في النقد، لأن هذا أمر مفروغ منه وهو من أبسط حقوق الفرد، وإنما الحديث هنا عن آلية اختيار القالب الأنسب لهذا النقد بحيث يعكس صورة واقعية عن المشكلة ومشرّفة للناقد ذاته قبل كل شيء. إن النقد حق لأي إنسان تجاه أي جهة كانت، بل إنه لا قيمة له إن لم يساهم في إيصال أصوات النقد إلى الجهات المعنية، ولكن شتان بين النقد والانتقاد، فهناك ما تقبله النفس البشرية والعقل وما يرفضانه رفضاً قطعياً، فالنقد قد يكون هداماً أو بناءً، مساعداً أو مثبطاً، محدداً أو شاملاً ، إلا أنه يتسم بالموضوعية والطرح المنطقي السليم بالأدلة والبراهين أو حتى المؤشرات التي لها صلة بموضوع النقد مع غياب توجيه النقد إلى أسماء معينة والتجريح بشرف مهنتها وأخلاقها، فهذا ظلم لها والظلم ظلمات يوم القيامة. وأيضاً الإبتعاد عن الكتابة بلغة غير لائقة فالكتابة الحسنة تعكس أولاً وأخيراً أخلاق الناقد نفسه وترفع من قدره بغض النظر عن طرحه أكان سليماً أم لا. أما الانتقاد فهو نقد مشوه، سيىء الطرح، يحمل بين أسطره التجريح والشخصنة وربما الأخطاء من جهل أو تدليس وهذا لا يساعد أبداً على حل المشكلة، ووقعه على النفس يؤدي إلى تفاقم المشكلة بطريقة أو أخرى حتى وإن انتهى الموضوع إلى توضيح الحقيقة أو حل المشكلة إن وجدت.

فلو فرضنا على سبيل المثال أنك أنت عزيزي القارئ شخص قمت أنا بتوجيه تهمة إليه من خلال أي وسيلة بأنك سارق أو سيىء الخلق أو أنك تسبب مشاكل ولا تعرف كيف تنجز عملك وغير ذلك، دون أن أملك الدليل الكافي أو حتى المؤشرات التي تبين أنك فعلاً شخص بهذه الصفات أو على الأقل قريب منها، ألن تشعر بوقع ذلك في نفسك؟، ألن يؤدي هذا إلى تثبيطك وجرح شرف مهنتك مما يدعوك إلى التكاسل وربما التوقف عن بذل الجهود بنشاطك السابق، بالعامية هل بيكون لك نفس تسوي شيء طالما أنه يقال لك كذا كذباً وزوراً.

وختاماً، أرجو أن تعذروني على إطالتي، وأرجو أن تكون فيما يفيد، فأنا إنسان مثلي مثلكم ويؤلمني ويزعجني ما يزعجكم، وكم مرة أتنقل مع بعض الزملاء في هذه الشمس المحرقة من مسئول إلى آخر في محاولة حل بعض المشكلات، مع هذا أنزعج أيضاً عندما أرى أطروحات لا تعكس مدى وعينا، ولا مسؤوليتنا، ولا تحترم عقولنا ولا حتى ذواتنا التي تقرأ بعض الألفاظ والأساليب السطحية، كما أنها تزعج جداً عندما توجه إلى رجال كرسوا حياتهم من أجل نهضة البلاد كلاً حسب اختصاصه وإن قصروا بعض الشيء لا يعني هذا التعدي عليهم بذواتهم وهم الآن في سن آبائنا أو إخواننا الكبار. فأين العلم والوعي يا أهل العلم وأين الاحترام يا أهـل الإيمان؟.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store