Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عدنان كامل صلاح

الصين العملاق الذي استيقظ

A A
هناك إجماع، ومنذ وقت ليس بالقصير، أن الصين تتحول الى دولة عظمى، تفوق في قوتها الاقتصادية والعسكرية والسياسية الدولة العظمى الحالية: الولايات المتحدة الأميركية. وتزداد أهمية الصين على المستوى الدولي، يوماً عن يوم، نتيجة لنجاحها في إدارة شؤونها الداخلية بشكل جيد انعكس على اقتصادها وعلى وضعها العسكري ونفوذها على مختلف المستويات العالمية. وهي دولة كانت حتى وقت قريب لا تملك أساطيل بحرية كبيرة ولا حتى حاملة طائرات واحدة. ومن الأخبار التي نشرت عن الطريقة التي امتلكت بها أول حاملة طائرات وهي حكاية أعجبت بها وذكرتها من سابق، أن سقوط الاتحاد السوفيتي أدى الى إبقاء حاملة طائرات في أوكرانيا وجرى إفراغها من بعض محتوياتها وتركت تصاب بالصدأ لعدم وجود ميزانية ولا برنامج لتفكيكها والتخلص من جسدها الضخم. فكان أن تقدمت شركة صينية تعمل بالقمار في ماكاو بالصين وعرضت شراء جسد حاملة الطائرات الضخم ونقله على حسابها الى ماكاو في الصين وادعت أنها تنظفها وتحولها الى مركز قمار عائم هناك. وبالفعل سحبت هذا الجسم المتهالك المصدئ عبر مضيق البوسفور التركي الذي أقفل أمام الملاحة خلال فترة سحب الهيكل المصدئ عبره، ومنها عبر البحر الأبيض المتوسط ثم الصين، وهناك تم تغيير وجهة هيكل حاملة الطائرات الى ميناء صيني عسكري عوضاً عن ماكاو، حيث أعيد تنظيفها وإعدادها لتكون أول حاملة طائرات صينية.

وليست الصين جديدة على الأساطيل البحرية إذ إن آخر إمبراطورية لها تحت حكم أسرة مينج (حكمت هذه الأسرة الإمبراطورية الصين حوالي 276 سنة)، وكان لديها أسطول إمبراطوري من حوالي (1350) سفينة بحرية، عام 1420 ميلادية، بالإضافة الى العديد من السفن الخاصة التي كانت تتاجر مع عدد من الدول، كما أن هناك حملات بحرية إمبراطورية قامت خلالها مئات السفن وعشرات الآلاف من الرجال بزيارة مناطق عدة حتى وصلت الى مداخل البحر الأحمر وزنجبار.

وتوقف نمو الإمبراطورية الصينية حينذاك عندما نجح الرجال الذين يتبعون مذهب (كونفوشيس) في نشر (حركة إصلاح) تطالب بالمحافظة على ما هو موجود والسعي للعودة الى الماضي، واعتبروا بناء السفن والمغامرات الخارجية (نشاطاً مكروهاً) والتجارة وما تؤدي اليه من ثراء أمر غير مرغوب فيه. وأدت حركة الإصلاح الكونفوشيسية الى إهمال النشاط البحري والتكنولوجيا بل حرمت التجارة مع الخارج.

واليوم تسعى الصين الى استعادة قوتها وأن تتحول الى إمبراطورية كبيرة، وهناك قلق في أميركا وأوربا من القوة الإمبراطورية الصينية، ومساعٍ بارزة ومستترة لإعاقة مسيرة الصين، إلا أن هناك أكثر من باحث سياسي صيني أشاروا الى أن بلادهم لا تسعى لتكون المهيمن الأوحد على المستوى الدولي، بل ربما تكون إحدى قوتين كبيرتين تشاركان في إدارة شئون العالم. ويشعر الأميركيون والأوربيون بالتخبط تجاه عوامل إحباط عسكرية وإقتصادية وهجمات (شعبوية) تتعرض لها دولهم، في مواجهة صعود منظم وواثق للقوة الصينية. وبينما يختلف الباحثون السياسيون الأميركيون في مصير النظام العالمي الليبرالي القائم بزعامة أميركا، إذ يرى البعض منهم أن الحديث عن انهيار هذا النظام مبالغ فيه وأن الرئيس القادم بعد دونالد ترمب، الرئيس الحالي، سيقوم بتنشيطه من جديد، بينما يختلف معهم باحثون آخرون يرون أنه لا يمكن إعادة الحياة إليه ومن الأفضل أن يركز الجميع على إدارة عملية الانهيار الحاصل. وقد خصصت مجلة الفورين أفيرز الأميركية، في عددها عن شهري يناير/ فبراير 2019، قسماً كبيراً عرضت فيه وجهات النظر المختلفة، وهي وجهات نظر تستحق الاطلاع عليها للمهتمين بالمستقبل.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store
كاميرا المدينة