Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد خضر عريف

بل لدى المملكة الكثير سوى المال

A A
يهرف بعض الواهمين بما لا يعرفون، ويصرِّحون بأن المملكة العربية السعودية ليس لديها شيء سوى المال، وعليه تسعى قوى عالمية جاهدة؛ لأن تبتز المملكة بزعم أنها تحتاج إلى حماية، ولابد من أن تدفع المال مقابل تلك الحماية، وهذا السيناريو يشبه إلى حد بعيد سيناريوهات أفلام «الفتوَّات» المصرية التي ظهر منها الكثير في حقبتي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، ويظهر فيها الفتوة على أنه «البلطجي» الظالم المفتري، الذي يزعم لأهل «حتته» أنه «يحميهم» دون أن يعرفوا أو يعرف هو نفسه ممَّن يحميهم، فهو يخيفهم دائماً بعدو مجهول أو على الأقل يحذرهم من مؤامرات يحيكها «فتوة» آخر، بلطجي أيضاً بالطبع من حارة أخرى، دون أي أدلة أو إثباتات، وبناء عليه لابد من أن يقدموا لهذا الفتوة «الإتاوات»، وإلا فإنه يعطل أعمالهم ويمنعهم من البيع والشراء، ويشل حركتهم الاقتصادية، ويجوِّعهم، فبالله عليكم ألا ترون معي السيناريو نفسه يُمثَّل اليوم وبالحرف الواحد في الساحة الدولية: ابتزاز وبلطجة ونصب واحتيال وحظر ومنع وتعطيل للمصالح الاقتصادية بحجة الحماية الوهمية؟ وإن كانت تلك التهديدات تنطلي في السابق على السذج والعوام، فلا يمكن أن تنطلي على أحد اليوم في عصر التنوير المعرفي والانفجار المعلوماتي والثورة الاتصالية التي لم تحرم منها دولة من دول العالم.

أعود للنقطة الأولى الجوهرية التي تطرحها هذه المقالة، لأقول: إن دعوى أن المملكة لا تملك شيئاً سوى المال ملفَّقة ومغرضة، فلا يختلف اثنان على أن ما لدى المملكة من مقومات الأهمية الدينية والاقتصادية والعسكرية والبشرية والإستراتيجية والجغرافية، لا يتأتى لكثير من دول العالم، بما في ذلك الدول التي تسمى بالمتقدمة، وأهم الأهميات أن المملكة أرض الحرمين الشريفين، ومهبط الوحي ومهد الرسالة الإسلامية للناس كافة، ومهوى أفئدة مليار ونصف من المسلمين، ولا تحتاج بناء عليه لمن يحميها، فإن للبيت رباً يحميه، وليست تلك القوى المعاصرة أعتى وأنكى بلاءً من أبرهة الأشرم الذي أذابه الله وأذاب جنوده كما يذيب الرصاص، ولم يحدث ذلك في الإسلام، بل قبيل مولد النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم. ورغم تعرض الحرمين الشريفين لكيد المبطلين والصفويين والآثمين والعصاة عموماً، إلا أن الله تعالى حماهما على مدى خمسة عشر قرناً وبقيا في رعاية وصون أئمة المسلمين من أهل السنة على مدى الدهر. وبلاد الحرمين خط أحمر عند كل المسلمين الصادقين الموحدين وهم الغالبية الغالبة، ولا يسمحون بأي تعدٍّ عليهما، ويضحون في سبيل حمايتهما بأرواحهم وأموالهم. ومثل هذه القدسية لا توجد في أي دولة أخرى. ومقوم آخر من مقومات قوة المملكة لا تملكه كل دول العالم: التفاف شعبها حول قيادته وولاؤه المطلق لها بفعل البيعة الإسلامية الصادقة بعيداً عن زيف الديمقراطية والانتخابات الصورية الوهمية التي فشلت في العالم العربي أولاً، وفي العالم كله ثانياً، والاضطرابات في الدول الديمقراطية كما تسمي نفسها نراها كل يوم وفي كل دولة دون استثناء، أما في العالم العربي فحدِّث ولا حرج، وبينما تمزق الأحزاب والشيع والتكتلات والطوائف وما يسمى بالمعارضة دول العالم كافة، نرى شعبنا السعودي وحدة واحدة متماسكة منضوية تحت لواء لا إله إلا الله محمد رسول الله، قيادة حكيمة وشعب وفيّ بلغ تعداده اليوم عشرين مليوناً، وهو تعداد دولة متوسطة، ومع غير السعوديين ثلاثون مليوناً أو يزيد، وهو ما يساوي تعداد سكان كندا.

أضف إلى ذلك واحداً من أقوى اقتصادات العالم، وجيشاً مؤهلاً ومسلحاً ومدرباً، ومنافذ بحرية وبرية وجوية إستراتيجية، ومقومات أخرى، يمكن أن أكتب فيها ألف مقالة.

وفي المحصلة، شاءت تلك القوى العالمية أو أبت: تملك المملكة سوى المال الكثير، ولا تحتاج لحماية أحد.

MORAIF@kau.edu.sa

​للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (53) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 (Stc)، 635031 (Mobily)، 737221 (Zain)

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store