Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. عادل خميس الزهراني

اطلبوا العلم.. ولو «بالصيني»!!

A A
لا يحتاج الإنسان أن يحفر الأرض حتى يصل للصين، فاللغة توصلك.. واللغة تجلب الصين لك أيضاً.. واللغة -أهم اختراعات البشرية- جديرة بأن تفعل ذلك وأكثر. هي الطريقة المثلى لمد الجسور بين الثقافات؛ للتعرُّف على المجتمعات، والإفادة من تاريخ الحضارات، والتعريف بقِيَم الإنسان وإنجازاته.

في ظل حضور الصين، والصينية، في وسائل الإعلام هذه الأيام، وقعت يدي على كُتيِّب صغير أصدره مركز الملك عبدالله الدولي لخدمة اللغة العربية (وما أكثر ما يصدر وينجز هذا المركز!)، تحت عنوان: (اللغة العربية في الصين)، ويضم الأوراق العلمية المقدمة في ندوة المركز ضمن مشاركته في فعاليات سوق عكاظ في دورته السابعة.

وفي ورقته عن (اللغة العربية ومدارسها وحركة تعليمها) في الصين، يذكر البروفيسور السابق تشانغ جيامين أن انتشار العربية مرّ بثلاثِ مراحل تاريخية، انتهت إلى انبثاق أربعين قسماً جديداً للغة العربية في جامعات الصين الكبرى، يلتحق بها ألف طالب سنوياً، ناهيك عن مدارس العربية الخاصة التي تُخرِّج قرابة عشرة آلاف طالب سنوياً.

أما البروفيسور شونغ جيكون فيتناول (الترجمة بين الأمتين الصينية والعربية)، مشدداً على أنه من واجب المستعربين الصينيين تعريف القُرَّاء الصينيين بالأدب العربي من خلال ترجمة كنوزه وأمهات كتبه إلى اللغة الصينية (بلغت أكثر من 200 عمل مترجم). يقول جيكون: «سنثابر على بذل أقصى جهودنا في أداء واجبنا بالترجمة في إثراء الصلات الثقافية بين الشعبين الصيني والعربي، ونحن على ثقةٍ تامة بأن الماضي والحاضر الجميلين سيُفرزان لنا مستقبلاً أجمل وأفضل». في خاتمة ورقته يورد جيكون قصيدة لشاعرنا محمد علي السنوسي، ويترجمها إلى الصينية، (وقد قرأها بالصينية في سوق عكاظ).

واختارت البروفيسورة ليلى تشي مينغمين موضوعاً ظريفاً عن حضور (المعلقات في الصين) تتبّعت ظهور حركة الاهتمام بالمعلقات العشر والشعر الجاهلي في الثقافة الصينية. تفتتح ورقتها بالقول: «معرفة الصينيين بالمعلقات الشعرية العربية محدودة على وجه العموم، إذ لم تكن عندهم معرفة كافية مثل معرفتهم بالملاحم الإغريقية القديمة، وذلك ينبّهنا بأهمية بذل الجهد الأكبر في نشر الحضارة العربية بين الصينيين بصورةٍ عامة، والتعريف بالمعلقات بصورةٍ خاصة». وتذكر مينغمين أن كلمة المعلقات ظهرت في مؤلفات مؤرخي الأدب الصينيين مع بداية تسعينيات القرن الماضي، وأضحت من محاورها الرئيسة. لذلك تخلص إلى أن «المعلقات في الصين ما زالت في عهد شبابها، إن لم أقل طفولتها، ولكن تنمو مع نمو العلاقات الصينية العربية، وأتمنى أن تنمو باطراد حتى تصبح شجرة مورقة تبث أكسجينها الوافر للصين ولوطنه العربي».

يبدو أن أمنية مينغمين ورفاقها المتيَّمين بالعربية في طريقها للتحقُّق، بعد مبادرة سمو ولي العهد لتعليم الصينية في مدارس المملكة، لأنها تعني بطبيعة الحال تقارباً أكبر بين الثقافتين، ولعلِّي في المرة القادمة أعثر على كتاب بعنوان: (اللغة الصينية في السعودية)، ويكون باللغة الصينية طبعاً، وأقرأه لأني تعلَّمت الصينية.. لأنها لغة مهمّة.. ولأن المؤسسات (حينها) صارت تشترط إتقان اللغة الصينية للقبول في وظائفها.. دون أن تشترط إتقان اللغة العربية بالضرورة..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store