Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عدنان كامل صلاح

من حق أبناء المنطقة أن يفهموا!

A A
منطقة الشرق الأوسط، خاصة الدول العربية، والبلاد المحيطة بها كإيران وباكستان وأفغانستان وبنجلاديش وتركيا ودول أفريقيا، خاصة الإسلامية، تحولت الى مختبر تجارب لنماذج سياسية واقتصادية واجتماعية متنوعة، منذ أن رحل الاستعمار الأوربي، بعد الحرب العالمية الثانية، وحل محله الهيمنة الأميركية في ظل منافسة مع روسيا والصين، تتصاعد أحياناً وتتقلص أحياناً أخرى. وكانت التجربة الأولى للإمبراطورية الأميركية في المنطقة تكراراً لتجربتها في باحتها الخلفية: أميركا اللاتينية. وهي تشجيع حلول العسكر محل الأنظمة القائمة في عدد من الدول، ومنها تركيا والعراق ومصر وسوريا وليبيا والسودان. وبعد سنوات من هذه التجربة اكتشفت الإمبراطورية أن النظام العسكري ليس هو الحل المناسب لمتطلبات أميركا كما تراها، وكان أن أخذت تشجع عدداً متنوعاً من التجارب وصل الى قمة الوقاحة فيه تصريح كوندليزا رايس، وكانت حينها وزيرة للخارجية الأميركية، تطالب عبره بإحداث فوضى في المنطقة وصفتها (بالفوضى الخلاقة)، وهي تجربة تتواصل إلى اليوم بأدوات عدة من ضمنها حركة الإخوان المسلمين وقناة (الجزيرة) وداعش.

إلا أن من حق أبناء المنطقة (حقل التجارب الكبير) أن يفهموا ما يجري لهم وما تستهدفه الإمبراطورية، أو غيرها من التجارب السياسية والاقتصادية والاجتماعية القائمة. ومثل هذا الفهم يمكن أن يتوفر عبر الدرس والتحليل والنقاش وبعيداً عن وسائل التواصل الاجتماعي بالإضافة الى الابتعاد عن الأحكام المسبقة التي تعودنا عليها بهذا الشأن والتي يمكن أن تكون صحيحة ويمكن أن تكون خاطئة أيضاً. ولا يمكن القبول بأن الإجابات (المعلبة) التي تقدم أحكاماً مسبقة على ما يجري هي الفهم الحاسم للمعاناة التي نعيشها نحن.. ومتى توصلنا الى فهم، قد يكون أقرب ما يكون للواقع، يمكن الانتقال حينها الى تحليل ما يمكن أن يحدث مستقبلاً إذا استمرت (التجارب) كما هي عليه، وما الذي يمكن لأبناء المنطقة، أن يعملوه لتحسين فرصهم فيما يخطط آخرون لهم.

مطلوب من مراكز أبحاث مستقلة، أي لا تهيمن عليها البيروقراطية الحكومية، أن تقول لنا ما يحدث. فنحن لا نفهم حتى الآن لماذا تواصل الصومال معاناتها مع حركة الشباب وتعجزعن الانتقال الى مرحلة الدولة كاملة السيادة، وكذلك الأمر لجنوب السودان والخلافات القبلية الدموية التي يعيشها، ومن يقف وراءها ويمولها، وماهي المصلحة وراء ذلك. ولم نحصل بعد على إجابة من مراكز أبحاث عربية مستقلة تشرح لنا لماذا سارعت أوربا الى إسقاط نظام القذافي مستخدمة طيرانها ورجالها، وتولت أميركا قيادة تلك العمليات من الخلف، حسب وصف هيلاري كلينتون، وزيرة خارجية واشنطن في ذلك الوقت. ولم نصل الى إجابة شافية حول أسباب فتح القوات الأميركية التي غزت العراق حدود البلاد التي احتلتها، واسعة أمام الإيرانيين وميليشاتهم. ولا نستطيع فهم كيف يمكن لباكستان التغلب على مشاكلها مع جماعات متطرفة مسلحة، ولا كيف يمكن لبنجلاديش تحقيق النمو الاقتصادي الذي تحققه في ظل فوضى من الجماعات المتشددة المتناحرة..

وهناك المئات من التساؤلات التي تحتاج الى دراسات وتحاليل تقدمها لنا مراكز الأبحاث العربية وليس الأجنبية فحسب وتوفر لنا بعض الإجابات والمؤشرات عما يدور لنا وحولنا.

وأختم هنا بما ورد في مقطع فيديو يقول مذيع أميركي، في لقاء مع عدد من الأشخاص، أننا يمكن أن نعرف أي قوة تهيمن على المجتمع عندما نكتشف من هي القوة التي يخشى الجميع انتقادها فمثلاً في ألمانيا النازية كان لا يمكن انتقاد الحزب النازي كما لا يجرؤ أحد في الصين اليوم على انتقاد الحزب الشيوعي الصيني، وأما في أميركا فإن الطرف الوحيد الذي لا يجرؤ أي شخص أو جهة على انتقاده اللوبي اليهودي.. وهذه الإجابة تدفعنا للتساؤل عن الدور الإسرائيلي فيما يحدث من تجارب في منطقتنا.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store