Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

الجامعات الناشئة: تعليمية لا بحثية

A A
في السنوات الماضية القريبة، شَهدَت المملكة إنشاء جامعات جديدة، وهذا المشهد من الاهتمام بالتعليم العالي في الوطن؛ هو من إنجازات حكومتنا الرشيدة -حفظها الله-، فلم يعد هُناك طلاب وطالبات غير مقبولين، أو خارج أسوار الجامعات، وحيث إن هذه الجامعات الجديدة في بداية طريقها التخطيطي للمستقبل، فإنه ينبغي أن تُدركها الوزارة كي لا تتحوَّل إلى نسخٍ كربونية من جامعات سابقة، لأن التعليم الجامعي له أهداف، أولها وأساسها «التعليم»، وثانيها البحث العلمي، وثالثها خدمة المجتمع، ونموذج الجامعات على سبيل المثال في أمريكا هو أن 90% من الجامعات هي جامعات تعليمية فقط، لا شأن لها كبير في البحث العلمي، بينما هناك جامعات عريقة ومتميزة بالبحث العلمي، وعدد طلاب البكالوريس فيها قليل مثل جامعة هارفارد (سبعة آلاف طالب بكالوريس)، وجامعاتنا العريقة مثل جامعة الملك سعود وجامعة الملك عبدالعزيز لم تصحُ لأمر البحث العلمي إلا قريباً جداً، ذلك أنها عانت سنوات طويلة من ضعف الدعم المادي، فحبذا لو يتم التركيز على الجامعات العريقة (خمس أو ست جامعات)، لتكون متخصصة في البحث العلمي والدراسات العليا، ومنح الفرصة أكبر للتركيز على الجامعات الجديدة، بأن تكون جامعات تعليمية مميزة في التعليم لمرحلة البكالوريس.

إن على الوزارة أن تُدرك وضع الجامعات الجديدة وغرقها بالشكليات، وتكرار التخصصات البحثية، وصرف أموال طائلة على مراكز بحثية وأجهزة مكلفة ووظائف مكررة، يكفي الوطن منها مركزان أو ثلاثة، وهي تسد حاجة ما يطلب تغطيته علمياً وبحثياً، ومما يكون من باب العلم الكفائي، وأن تكون هناك شراكة تعاونية بين الجامعات في شؤون البحث العلمي.

إن التعليم في جامعاتنا يحتاج إلى وقفة ومراجعة، من حيث متانته، وتَمكُّن أساتذته، ورغبة طلابه، وكثرة تخصصاته، وتكرار أقسامه، وترهُّل إداراته، وغزارة لجانه، فهو بالتالي بحاجة إلى تطويرٍ وتحفيز وتغيير، وعلينا ألا تُخدِّرنا شهادات الاعتراف الأكاديمي التي تعلَّقنا بها كثيراً، وأشغلتنا عن المهمة الجادة للتعليم وبحثه واقعياً.

إن على وزارة التعليم الاهتمام بشأن التعليم العالي والبحث العلمي معاً، وأن تؤكد على توجُّهات الجامعات، وضرورة تمايزها تعليمياً، وتفرُّدها بذلك، خاصةً الجامعات الجديدة التي تزيد على عشرين جامعة من أصل ثمانٍ وعشرين جامعة حكومية، صحيح أنه يمكن أن تُوجِّه بعض الجامعات الجديدة إلى بعض البحوث التخصصية؛ تجاوباً مع الاحتياج لتلك البحوث، أو بحوثاً تتماشى مع طبيعة المنطقة التي بها الجامعة، فلا بأس في ذلك، لكن أن تكون كل جامعة جديدة جامعة بحثية على حساب التعليم، فذلك ما يضر مستقبل التعليم.. إننا يجب أن نرتقي بتعليمنا العالي من حيث الجدية والإمكانية، والوزارة على ذلك قادرة بإذن الله، إن هي أحكمت التوجيه للجامعات.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store