لماذا يتأرجح المزاج؟

عندما يُذكَر تقلّبُ المزاج وتأرجُحُه بصورةٍ دورية مُزمنة، يُذكر «اضطراب ثنائي القُطْب»، الذي يعاني منه نحو (2%) من الأفراد ويتميّز بتطرّفٍ واضحٍ حاد فـي المزاج بين نقيضين، ويحتاج لتشخيصٍ دقيقٍ وعلاجٍ فعّال نظراً لآثاره السّلبيةِ المُزمنة، إلا أن هذا الاضطراب الوجداني، ليس أكثرَ الأسباب انتشاراً من بين أسباب التقلّبات الحادة للمزاج، فالحرمان من النوم الجيّد أكثر شيوعاً، ويزيدُ من حدّة مشاعر الغضب والغيظ، ويتسبّب في اضطرابات عاطفة الأشخاص المحرومين من العدد المناسبِ لساعات النوم.

أما الإحساس بالجوع المُفرط، فهو واحدٌ من أكثر أسبابِ تعكّر المزاج انتشاراً، نتيجة الانخفاض النسبي في مستوى سُكّر الدم، الذي ما يلبث أن يعودَ لمستواه الطبيعي بتناول الطعام، ليزوّد المخ بما يحتاجه من طاقة واتزان. كما يتأثر المزاج سلباً بالتعرّض لفرط التوتر في العمل والشارع ويؤثّر في التركيز وردود الأفعال، ويتسبّب أيضاً في اضطراب النوم، مما يُضاعف الشّعور بالتوتر الدوري، الذي يمكن التخفيف منه بالنوم الجيّد والاسترخاء والرياضة البدنية.

ومن أسباب تأرجح المزاج المُتكرر المزمن، اضطراب إفراز بعض هرمونات الجسم، كهرمون الغدّة الدرقية، والآثار الجانبيةِ لبعض العلاجات الدوائية، والمرور بأيام الدورة الشهرية لدى النساء، وارتفاع مستوى هرمون الحمل، مما يجعل المرأة مُعرّضةً لتقلّبات المزاج ومشاعر الحزن المُفاجئ أو سرعةِ الغضب وبخاصةٍ خلال أيام ما قبل الطّمث، ونتيجة اختلال هرمونات الأنوثة في فترة ما حول انقطاع الطمث، والتي تتميّز أيضا باضطرابات نوم تزيد المشاعر تعقيداً.

ويعاني مرضى اضطراب «قصور الانتباه وفرْط الحركة» من تأرجح المزاج ونوباتِ الغضب والاكتئاب وصعوبةِ التحكّم في الانفعالات في كثيرٍ من المواقف، وهو اضطرابٌ يستدعي علاجاً لدى المختصيـن للتخفيف من آثاره السّلبية على الحياة، كما ينتشر تناول السكّريات المُكرّرة والمشروبات المحتوية على الكافيين بصورة مفرطة، مما يجعل الأعراض الانسحابية لمادة الكافييـن -كتعكّر الـمزاج- من أهم أسباب الشعور بالخمول والتوتر.

أختم بقول يُنسب للممثّل الأمريكي (جوني ديب): «مُسببات الغضب الأساسية: الجوع، وقلّة النوم، والتحدّث مع الأغبياء»!! كما يقول الشاعر والروائي (تشارلز بوكوفسكي): «في كلّ صباح أُقرّر أن لا أغضب وأقضي يوماً هادئاً.. ثم ألتقي ببعض الأغبياء الذين يجعلون ذلك مُستحيلاً».