Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيل بن حسن قاضي

المسلمون.. والتضليل الإعلامي

شذرات

A A
في زيارة يتيمة لأستراليا قبل أكثر من ثلاثين عاماً وقع حادث إرهابي في إحدى محطات المترو، وجاءت الأخبار الإعلامية بأنه يغلب الظن أن مجموعة من العرب المهاجرين كانوا وراء الحادثة، في اليوم الرابع ثبت لدى السلطات أن المتهمين أستراليون ينتمون إلى مجموعة تنادي بالحفاظ على بلادهم بعيداً عن العرب والمسلمين المهاجرين إليها، ثم افتعلوا حادثة بعدها بأيام في هجوم وقع على ملهى ليلي من شخص يدعى جورج من أصول لبنانية كان مخموراً وأحدث العنف في داخل الملهى.

قبل ثلاثة أشهر تقريباً وقعت حادثة إرهابية في فرنسا، فجاءت الأخبار بأن وراءها مسلماً مقيماً في فرنسا، ثم بدأت الأنباء والتحليلات عن تأثير وجود أعداد كبيرة من المسلمين في فرنسا على تنامي حوادث الإرهاب، حتى جاءت إحصاءات أعداد المسلمين في الاتحاد الأوروبي التي تُؤكِّد أن نحو 20 مليون مسلم يقيمون فيها. 7% وهي النسبة الأكبر تعيش في فرنسا، يليها ألمانيا 6.5%، بلجيكا والسويد 6%، هولندا 5.5%، بريطانيا 4.5% ثم إيطاليا 4% ، وتقل النسبة تدريجياً في بقية دول الاتحاد الأوروبي.

في دراسة بحثية أجريت في نهاية 2015 وجد أن 1.9% من الهجمات الإرهابية كانت مِن قِبَل مَن ينتمون إلى الإسلام و98.1% من غير المسلمين معظمها بسبب دوافع عنصرية وعرقية وأيدلوجية بشكلٍ عام. من آخر أخبار الشهر الماضي جمهور نادي تشيلسي يُحطِّمون مقهى رجل عربي ويقومون بإذلاله بطريقة عنصرية ويتهمونه بالإرهاب. الحرب الإعلامية المنظمة كانت ولازالت مستعرة ضد الأقليات. صُنّاع الإرهاب ومروّجوه حول العالم معروفون، ومَن يقرأ مذكرات السيدة كلينتون التي نافست السيد ترمب على الانتخابات الأمريكية الأخيرة يدرك كيف تم ابتكار داعش الإرهابي، وكذلك تصريحات السيدة كونداليزا رايس عن الفوضى الخلاقة في منطقة الشرق الأوسط، والتي تحققت بالفعل، وغير ذلك مما لا يمكن حصره، يدرك بجلاء من هم صُنَّاع الإرهاب ومروّجوه وقد كانوا يعتقدون أنهم يُحقِّقون مصالح عليا لأوطانهم.

في المقابل وفي هذا السياق، كان لابد من الإشارة إلى أن ما حدث في نيوزيلندا مؤخراً من اعتداء آثم على أرواح المسلمين والمذبحة البشعة التي ارتكبت هناك قد قُوبلت على المستوى الشعبي والرسمي هناك باستنكار عظيم، وقد أظهروا أيضاً التعاطف الصادق مع المسلمين هناك وبشكلٍ لافت وملحوظ، وهو أمر يُحسب لهذه البلاد، وتحديداً رئيسة الوزراء هناك.

إننا نعيش تحت تأثير الإعلام الذي يجيد التضليل بطريقة مهنية في التحريض بكل أسف. إعلام رديء للغاية، له معايير مزدوجة، ويُصنِّف الإرهابيين كُلٌّ حسب عِرقه ولونه وديانته، كما لاحظناه مؤخراً في هولندا، ويسعون لتضخيم الحدث، لاسيما عندما يكون المتورط ينتمي بشكلٍ أو بآخر للإسلام، مستهدفين بذلك زراعة الرعب والكراهية في قلوب الآخرين من الإسلام، يا لها من أخطاءٍ إعلامية لا تُغتفر، ويا له من تضليل إعلامي مُزرٍ.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store