Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

«سقراط» السعودي والميزانية!

أعلم الناس بكل شيء على مر التاريخ هو الزميل العزيز/ «سقراط»، بعبارته الشهيرة: «كل ما أعرف هو أنني لا أعرف»!

A A

أعلم الناس بكل شيء على مر التاريخ هو الزميل العزيز/ «سقراط»، بعبارته الشهيرة: «كل ما أعرف هو أنني لا أعرف»! وهو أصدق الناس أيضاً؛ إذ لم يؤلف كتاباً في حياته، لأنه كان سيضطر لإهدائه لزوجته: «الوفية التي ضحت بوقتها وأعصابها، وتكبدت مشقة تربية العيال، رغم أنه لم «يُرْزَأ» بعيال، و»تزهَّلت» بأداء مسؤولياته، وصبرت على عيونه الجاحظة «الزائغة»، ليتفرَّغ حضرة جنابه للتأمل، والبحلقة في نجوم الليل و»الظهر»، و»برشلونة»؛ وينجز هذا الكتاب، الذي سيفوز بجائزة «نادي الرياض الأدبي» وقيمتها (100) ألف ريال، سيطير بها لها فوراً، لتمطَّ «براطمها» المنفوخة بـ»البوتكس» قائلة: ياماجاب الغراب لأمه»! يستاهل! من قال له يطير؟والتاريخ كله يعرف أن زوجته، كزوجة «أبراهام لينكولن»، أشهر رئيس أمريكي، كزوجة «تولستوي»، الروائي الروسي، كانت تسومه أصناف الاحتقار، ولا ترى أحمق منه إلا هؤلاء «الدراويش» المنصتين له وكأنهم يتفرجون على «غنوة»! وأحمق منهم «الكاوبوي» الذين انتخبوا القروي/ «لينكولن»! وأحمق منهم الذين مازالوا يهدرون أموالهم في شراء روايات المضروب على عينه «تولستوي»، ولم يضربه غير «أم عياله الأحد عشر»!فكيف لو كانت زوجةً لـ»مواطٍ» سعودي، تمر أمام عينيه أكبر ميزانية، ولا يفهم «بطالة» نصف مليون شاب وشابة؟ ولا يدري مامصير (120) ألف مبتعثٍ ومبتعثة، حين يعودون مؤهلين بأحدث التخصصات، ولا يجدون «سوق عملٍ» يستوعبهمهن؟ وإن فهم معنى كلمة «التضخم»، من خطأ طبي أدى إلى تضخم رجله «العليا» ثم بترها! العليا؟ نعم لأن آخر ماقالته زوجته قبل الحادثة: «تطلِّق ورجلك فوق رقبتك»! أين وصلنا؟ نعم: فكيف يفهم تنامي هذا «التضخم» في جيوب محتكري الحديد، والحليب، والرز، بل والشعير والتبن: أهو بسبب «تضخم» راتبه؟ أم نتيجةً لـ»هياط أم رقيبة»؟وكيف يستوعب أن «وزارة المالية»، بكل مالديها من طاقاتٍ بشرية ومادية، ليس فيها قسم «تصحيح لغوي»؛ أسوة بأية صحيفة، يمثل «المصحصحون» فيها فريقاً أمنياً، يتحكم في حركات وسكنات الرئيس «أوباما»، ويفضح مغامرات «برلسكوني»، ويمشي بالنميمة في «ويكيليكس»!لو كان فيها «مصحصحون» لما كان العنوان: «ميزانية»، بل: «مصروفات الدولة»؛ لأن «الميزانية» تعني ـ وركِّز يا «مواطٍ سقراط» فلن أعيد كلامي ـ: ناتج طرح «الخارج القومي»، من «الداخل القومي»! وهو مايعرف بـ»الجرد السنوي» للعام الماضي، لا القادم! وإذن: فلايكفي أن تقول: «مصروفات»، بل لابد أن توضحها بقولك: «المصروفات المتوقعة للعام القادم»! فإذا هزَّ «المواطٍ/ سقراط» رأسه العام المقبل، وتجرَّأ وقال: لم أرَ شيئاً على أرض الواقع؟ أمكننا أن نقول له بكل شفافية: الواقع شئ، والمتوقع شئ آخر، وبينهما فواتير مختلفات! وما أكثر الجهات التي ستمضي العام كله في محاولة فهم، وتفسير، وتدقيق، وتوضيح بنود صرف مستحقاتها، قبل أن ترفع للمالية عقودها التي سترحَّل للعام التالي!أما الزميل/ «سقراط» فقد فضَّل تجرع السم، يقيناً منه بأن ماينتظره في «الآخرة»، أهون من «بوزٍ» ينتظره في «الدنيا»!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store