Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. ياسين عبدالرحمن الجفري

الترشيد والتعقُّل

A A
عادةً، وعند تَغيُّر الظروف الاقتصادية وتحوُّلها في اتجاه الهبوط والضغط، تصحو الشركات، وتبدأ في رحلة البحث عن قَصِّ المصاريف الزائدة، ومحاولة تخفيضها، ويبدأ المقص عمله في كل شيء، بهدف تحقيق الربحية والقضاء على الزيادة. والواقع يقول بغير هذا، فأساساً وفِي وقت الساعة، مِن المفترض أن تتم السيطرة على المصاريف لتحقيق الفائدة، ورفع الربحية. فالترشيد والمحافظة على الصرف في حدودٍ مقبولة هدف مهم لدعم الربحية وتحسينها، وليس بهدف المواءمة مع الظروف الاقتصادية. والمفترض أنه في ظل الظروف السلبية ينخفض الإنتاج، وتنخفض معه كل التكاليف المُتغيِّرة المرتبطة بحجم الإنتاج، وبالتالي تقل معه. والذي يحدث عادةً في الشركات أن صمام الربط مع الإنتاج والتخطيط له، ومحاولة معرفة اتجاهات الطلب والذبذبة، غير معروف، ولا يُركّز عليه. وعند لمس واقع التحوُّلات الاقتصادية يُركِّز المقص على كل جانب وبدون تعقُّل، فتحدث الكارثة وتضعف السيطرة على الأداء. والذي يُؤثِّر مستقبلاً في الإنتاجية، وعلى الموارد البشرية.

لو كان هناك في الأساس تعقُّل في الشركات، وتمت السيطرة على المصاريف في الأساس، وبُنيت الأمور على توقُّعاتٍ مقبولة وواضحة، لما وجدنا في الأساس مصاريف زائدة عن الحاجة، ولكانت الربحية عندنا قصوى في الأساس، وهذا ما يُفرِّق بالتالي بين النجاح والفشل. ولكانت قدرتنا على التفاعل والتأقلم مع الظروف الاقتصادية أقوى.

من السهل زيادة الإنتاج، ومن الصعب تخفيضه، ومع الزيادة تتحوَّل السيولة إلى منتج يصعب التعامل معه في ظل الظروف السيئة، حيث تزيد الحاجة للسيولة فيها.

وبالتالي يجب أن تهتم الشركات في ظل الظروف الاقتصادية بترشيد الإنفاق، وتعظيم الربحية، حتى ترفع من قدرتها على التعامل مع الظروف الاقتصادية المُتغيِّرة. ومن السهل رفع واستمرار زيادة الإنتاج، ولكن من الصعب تصريفه في الظروف السلبية، وتحويله إلى سيولة. ولاشك أن إدارة النقدية والسيولة في الظروف الاقتصادية السلبية هي المحك لتحقيق النجاح والاستمرارية، والتي عادةً ما تُهمَل ولا يُركَّز عليها إلا بعد استفحال الأمر.

وأخيراً، لاشك أن التنميط للاستمرارية والمداومة على السلوك، هو الدافع للنجاح وتجاوز الأزمات.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store