سلمان ومحمد ممحاة الفساد

قبل يومين زرت فرع بلدية العزيزية في محافظة جدة وعلى مدخل المبنى كانت لوحتان الأولى للملك سلمان وتحتها عبارة تقول: «المملكة لا تقبل فساداً على أحد»، والثانية لولي العهد الأمير محمد بن سلمان وتحتها عبارة تقول: «لن ينجو أي شخص دخل في قضية فساد». هاتان المقولتان جعلتاني أدوِّن هذه الكلمات. هاتان المقولتان مأخوذة دلالاتهما من الكتاب الكريم حيث قال جل جلاله: (وإِذا تولى سعى في الأَرضِ ليفسد فِيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفَساد). الآية . فالفساد مثل الطاعون ينتشر بين الناس ليقضي على المجتمع بكامله. المفسد ليس له همة إلا الفساد في الأرض. قال مجاهد: إذا سُعي في الأرض فساداً، منع الله القطر، فهلك الحرث والنسل. (والله لا يحب الفساد) . الفساد ظاهرة اجتماعية موجودة في كافة المجتمعات وعلى مر العصور بشكل نسبي ومتفاوت، فهو علاقة اجتماعية يتم من خلالها انتهاك قواعد العقد الاجتماعي والمبادئ والنظم القانونية المتعلقة بالمصلحة العامة مما يضر بها، عن طريق سلوك طرق غير مشروعة للوصول إلى الأهداف الخاصة. إنه ظاهرة محلية وعالمية، قديمة وحديثة، تتشابه فيها الدول المتقدمة والنامية، وإن كانت بنسب متفاوتة، ولكن يصعب أن تجد بينه وبين نسبة التقدم والديمقراطية علاقة محكمة، فتجده في الدول المتقدمة اقتصادياً والدول ذات الاقتصاد النامي، والدول الديمقراطية والدكتاتورية، والدول القديمة والحديثة، وتجده أيضاً قوياً طاغياً أو ضعيفاً محدوداً في كل من هذه وتلك. لكنه يمكن إيجاد علاقة حسابية متينة بين ضعفه وبين حسن الأداء للأجهزة والأنظمة المحاسبية والشفافية والقوانين المتينة وحرية الوصول للمعلومات. فلا فساد حيث الشفافية. إن الفساد الذي يعمل في الظلام ينتفي حيث الشفافية التي تعني الوضوح والنور. وهو يضعف حيث الحكم الرشيد بعناصره المعروفة. حكم القانون والشفافية وحسن الأداء والمحاسبة الفعالة والتوافق الوطني وفعالية المشاريع. يؤدي الفساد إلى هدر تريليون دولار سنوياً في العالم في الوقت الذي يتسبب هدر كل دولار بسبب الفساد، إلى خسارة اقتصاد الدولة. وبحسب دراسة للبنك الدولي فإن معدل دخل الفرد يزيد بثلاثة أضعاف في الدول الأقل فساداً عنه في الدول الأكثر فساداً، وإن معدل وفيات الأطفال يزيد بثلاثة أضعاف في الدول الأكثر فساداً عنه في الدول الأقل فساداً. والفساد في عالمنا العربي يتسبب بحسب دراسات البنك الدولي أيضا بهدر 40 بليون دولار سنوياً تكفي لو لم تهدر لإيجاد 20 مليون فرصة عمل سنوياً حتى يشغل الخريجون والقادرون على العمل كل عام. وههنا تأكيد لمقولتي سلمان ومحمد المأخوذة دلالاتهما من قوله عز وجل: (والله لا يحب الفساد).