Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
حسين أبو راشد

مجلس الغرف التجارية.. وإغلاق المصانع (1)

A A
ليس في مقدورنا تصوُّر أي مجتمع ينشد النهضة والتقدم من دون الصناعة؛ فالصناعة هي العملية التي يتمّ من خلالها جعل المواد الخام أكثر ملاءمة لمتطلبات الإنسان وحاجاته؛ من خلال تغيير شكلها وزيادة قيمتها، لتُلائم الغرض الذي صُنعت من أجله.

وللصناعة أهمية متعددة على مستوى الدول والأفراد، ولعل من أهمها: توفير ما يلزم الأفراد من منتجات مصنّعة، وتشغيل الأيدي العاملة، ومن ثم التقليل من نسبة البطالة، وزيادة الرفاهية للإنسان، والرفع من مستوى معيشة الدولة، حكومةً وأفرادًا، وكذلك تسهم في تطوير نشاطات اقتصادية أخرى، كالزراعة والتجارة، إضافة إلى زيادة الدخل القومي. ويأتي دعم الصناعة والمصانع عندنا تحقيقًا لرؤية المملكة ٢٠٣٠، وانطلاقًا من دور مجلس الغرف التجارية، فقد أطلق المجلس -مشكورًا- مبادرة دعم استدامة الشركات في القطاع الخاص، بما يُحقِّق الرؤية الطموحة للمملكة؛ إذ تهدف المبادرة إلى حصر الأسباب التي أدت إلى إغلاق العديد من المصانع، ومناقشة وبحث سُبل إعادتها، وإيجاد الحلول لها مع الجهات ذات العلاقة؛ لذا فقد تم التواصل مع ١٣٠ مصنعًا تم إغلاقهم في القطاعات كافة، خلال السنة الماضية. ومثل هذا الرقم يعد كبيرًا، خصوصًا في مثل هذه المرحلة. وهنا لا بد من وقفة للمراجعة وتقييم الموقف؛ إذ إن قرارًا مثل قرار إيقاف هذه المصانع، حتمًا سيكون قد ألحق الأضرار الجسيمة بالمصانع وأصحابها، وكذلك بالعاملين في تلك المصانع، السعوديين منهم بصفةٍ خاصة، والمقيمين بشكلٍ عام. ولعلَّ من أبرز الأسباب التي أدت إلى ذلك، مطالبات مكتب العمل، وتكلفة العمالة المقررة في أنظمة العمل والمعمول بها مؤخرًا، وكذلك زيادة تكاليف العمالة من حيث ارتفاع رخص العمل، وطول فترة استخراج التأشيرة للعمالة، وأيضًا عدم وجود عمالة سعودية مؤهلة ومستقرة للعمل في صناعات بعينها؛ وهو ما يؤدي إلى عدم القدرة على تغطية المصاريف وعدم توفر العمالة الكافية وعزوف العمالة المدربة عن العمل. ومن الأسباب -أيضًا- فرض السعودة على المصانع، وعدم ملاءمة العامل السعودي للنشاط، ناهيك عن سببٍ آخر يتمثَّل في الركود الاقتصادي الحاد في الطلب على المبيعات، ناهيك عن ارتفاع تكاليف الإجراءات الحكومية مثل (التراخيص، البلديات)... إلخ.

كل ذلك وغيره من الأسباب سيظل حجر عثرة في سبيل تحقيق الهدف المنشود، وقد يُؤخِّر من الانطلاقة نحو البلدان المتقدمة صناعيًّا، والتي قد خطت خطوات حثيثة وجدية في سبيل النهوض بأمر الصناعة كأهم المقومات الحضارية، بينما سيؤدي الإخفاق في ذلك إلى العديد من المشكلات، والتي من أهمها تفشِّي البطالة، والمزيد من الركود الاقتصادي الذي تلعب المصانع فيه دورًا قويًّا وحيويًّا.

لذا لا بد من إعادة النظر في تلك الأنظمة، والعمل على إيجاد الحلول المناسبة، ودعم هذا القطاع الحيوي والمهم في سبيل تحقيق رؤيتنا الطموحة، والانطلاقة نحو عالم الصناعة والإنتاج والاكتفاء الذاتي.

وللحديث بقية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store