Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالعزيز حسين الصويغ

مقاومة الحِذاء!!

A A
كانت «مقاومة الحفاء» أحد المشروعات البارزة التي وجَّه ملك مِصر السابق «فاروق» رئيس وزرائه «حسين سري» باشا، باعتمادها فيما سُمِّي بـ»المشروع القومي لمقاومة الحفاء»، وهو مشروع يحكي المؤرخ «يونان لبيب رزق»، في كتابه: «ديوان الحياة المعاصرة»، كيف بدأ الترويج له باعتباره مشروعاً قومياً يستفيد منه كافة المواطنين.

** **

ورغم ما في هذا المشروع من جانب اجتماعي كبير؛ يهدف إلى العناية بالمواطن المصري، يستوجب تكاتف كافة فئات الشعب لمواجهته، لما يُسبِّبه من أمراضٍ تأتي نتيجة اختراق الديدان أقدام الفلاحين الحفاة، وبخاصة مرض الإنكلستوما التي كانت من الأمراض المتوطنة آنذاك، إلا أن تُجَّار الأحذية وجدوا فيه فرصة للثراء، لذا استغله بعض أصحاب مصانع الأحذية للترويج لبضائعهم، ووضع، ما وصفوه، بأرقى المواصفات للحذاء المطلوب أن يرتديه فقراء الشعب.

** **

وظل التسابق بين تُجَّار وصُنَّاع الأحذية لنيل الثقة بتكليفهم بهذه المهمة «القومية»، خاصةً مع زيادة مبالغ التبرعات التي بلغت أكثر من ‏36‏ ألف جنيه (بجنيه تلك الأيام!!)، حتى استقرت الحكومة على شكل ومواصفات الحذاء المطلوب وثمنه، وبدأ تنفيذ المشروع. واحتفلت الحكومة المصرية في يوم 5 مايو 1941، «يوم الجلوس الملكي» بتوزيع 11 ألفاً من الأحذية على الفقراء، وعلى تلاميذ التعليم الإلزامي في المدارس الحكومية.

** **

نفس هذا الحذاء الذي كان يُعتبر هدفاً قومياً تهتم قيادات الدول -آنذاك- على تعميمه على كل مواطن، واعتُبر رمزاً لصحة المواطن وارتفاع مستواه المادي، اتّخذته بعض أنظمة الحكم الديكتاتورية رمزاً للسلطة، وتعبيراً عن خضوع الشعوب لأنظمة الحُكم السلطوية. فتحوَّلت مع الزمن مبادرة «مقاومة الحفاء»، إلى «مقاومة الحذاء»!!

#نافذة:

(لا شيء يربطني بهذه الأرض سوى الحذاء).

محمد الماغوط

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store