Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. بكري معتوق عساس

أيكم الخليفة؟

بانوراما

A A
من أجمل ما قرأت عن زهرة المدائن، وأولى القبلتين، القدس المحتلة، قصة رجلين وقفا أمام أبواب القدس عند تحريرها: كان ذلك مع بداية اتساع الفتح الإسلامي حين كان الروم يحكمون الشام (سورية، وفلسطين). واتُفقَ أن كان ملكَ الروم حينها هرقل. وقتها يقال: إنه كان في بلاد الروم مذهبان دينيان أخذ يتنازع أتباعهما من رعايا الروم ويتقاتلون في الشوارع. فخطر ببال الملك هرقل ملك الروم أن يأخذ بعضاً من هذا المذهب وبعضاً من ذلك المذهب ويوفق بينهما ليعود رعاياه كلهم أتباع مذهبٍ واحد وعندها سوف يحل بينهم الوفاق والصفاء والوئام والسلام. غير أن الذي حدث في الواقع غير ذلك، إذ إن المذهبين أصبحا بعمل الملك هرقل ثلاثة مذاهب بدلاً من اثنين. فتسبب عمله هذا في إثارة عاصفة كبيرة في بلاد الروم كلها حتى البلاد الخاضعة لبلاد الروم. وكان في مدينة القدس بطريرك اسمه (صفروينوس) والذي كان دائماً يخالف الملك هرقل في آرائه الدينية. في ذلك الوقت كان القائد المسلم عمرو بن العاص يحاصر مدينة القدس لفتحها وضمها لديار المسلمين وإنقاذها من حكم الروم. أدرك البطريرك (صفروينوس) حينها أن الجيش الرومي عاجز تماماً في الدفاع عن المدينة، وأن محاولة الدفاع عن المدينة المقدسة ماهي إلا محاولة فاشلة وخاسرة ولن يكتب لها النجاح أبداً وتكون نتيجتها الحتميةَ الخسائر الكبيرة في الأنفس والأموال. أرسل البطريرك (صفروينوس) للقائد عمرو بن العاص كتاباً يقول فيه: أنا على استعداد لتسليم المدينة للمسلمين بلا قتال شرط أن يتسلمها خليفة المسلمين مني شخصياً. فلما وصل الخبر للخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يجد مانعاً أن يذهب بنفسه لتسلم مدينة القدس من البطريرك (صفروينوس). ولما علم البطريرك بقدوم خليفة المسلمين عمر بن الخطاب رضي الله عنه استعد لاستقباله وخرج إلى الباحة التي أمام باب مدينة القدس مع جمع من رجاله وهم في ثياب من الحرير والديباج وفي حلي من الفضة والذهب والجواهر. وصل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومعه نفر من أصحابه الكرام وهو في ثيابه العادية التي يلبس مثلها جميع الذين كانوا معه. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه وخادمه معه يركبان جملاً واحداً.

ولما اقترب الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومن كان معه من الصحابة من باب المدينة المقدسة لم يستطع البطريرك (صفروينوس) أن يتبين الخليفة من بين المرافقين له، فسأل متعجباً: أيكم الخليفة؟

قال الشاعر المصري الكبير محمود غنيم في واحدة من أحلى قصائده:

يا من رأى عمر تكسوه بردته... والزيت أدم له والكوخ مأواه

يهتز كسرى على كرسيه فرقاً .. من بأسه وملوك الروم تخشاه.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store