Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عاصم حمدان

مكتبات المدينة المنورة.. وإنجازات أمير

رؤية فكرية

A A
لم تكن تلك هي المرة الأولى التي سعدت فيها بلقاء سمو أمير منطقة المدينة المنوّرة، صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان، حفظه الله، فعندما شرّفه الله باختيار وليّ الأمر الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله ورعاه، لسموه لإمارة المدينة المنوّرة، كنت واحدًا من أبناء طيبة الطيبة الذين سعدوا بلقائه في حفل بهيج أقامه لسموه ابن المدينة المنوّرة البار وابن الوطن المخلص، معالي الدكتور نزار مدني، ففي ذلك الحفل قام آل مدني؛ يتقدمهم المرحوم السيد الدكتور غازي مدني، رحمه الله، بتعريف كل شخص لسموّه، وكانت إجابته متسقة مع ابتسامته، حبًّا وودادًا وتواضعًا. وخرجت، كما خرج غيري، من ذلك اللقاء بأن الله أكرم جيران نبيّه بهذا الإنسان، الذي سوف تتبدى خطواته الإيجابية إكمالاً للمسيرة الموفقة، التي ابتدأت بتسليم المدينة المنوّرة عام 1344هـ، واختيار سمو الأمير محمد بن عبدالعزيز، رحمه الله، أميرًا لها. وكان كل من خلفه على إمارة المدينة المنوّرة من الرجال العالمين يطلق عليه صفة «وكيل إمارة»، في إشارة لمنزلة الأمير محمد بن عبدالعزيز، رحمه الله، حتى حلّ عام 1385هـ حيث عيّن سمو الأمير عبدالمحسن بن عبدالعزيز، رحمه الله، أميرًا للمدينة المنوّرة.

واستمرت رعاية الدولة السنية في خدمة البلدة الطاهرة بكل السبل والوسائل الممكنة والمتاحة، مما نشاهده اليوم من مشاريع تنموية وبُنى تحتية نعمت بها المدينة المنوّرة، مثل سائر المدن الأخرى. وفوق ذلك تبقى للمدينة المنوّرة خصوصيتها بين المدن الأخرى، وهو ما تجد عليه الاهتمام المنظور من قبل قيادتنا الحكيمة.

وبعد كل هذه السنوات المباركة للأمير فيصل بن سلمان في إمارة منطقة المدينة المنورة، تهيّأت لي الظروف للقاء سموّه مرة أخرى في الأسبوع الماضي، في حفل تكريمي أقامه لسموه أيضًا معالي الدكتور نزار مدني الذي كرّمه خادم الحرمين الشريفين حفظه الله بوسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الثانية تقديرًا لخدماته في بلده وإخلاصه لمسيرتها.

في ذلك اللقاء كان سموّه يتحدث للحضور بلغة مهذبة مصحوبة بابتسامة صادقة وكاشفة عن ثقافة سموّه المكتنزة، حيث تحدث في موضوعات شتى، وإن كانت الموضوعات المتصلة بمدينة الرسول صلّى الله عليه وسلّم تأتي في الأولوية والاهتمام.

إن الإنسان ليلحظ خلال المسيرة المباركة لسمو الأمير فيصل بن سلمان، في توليه لإمارة منطقة المدينة المنوّرة بصمات سموه الواضحة، والتي تمضي بخطى واثقة وثابتة، ومن ذلك اهتمامه الملحوظ بالجانب الصحي، حيث أُنشئ مستشفى تخصصي شبيه بمستشفى مدينة الرياض، ومعلوم أن الجانب الصحي يتقدّم على غيره عند جميع الأمم وفي كل البلدان الآخذة بأسباب التقدم، كما نلاحظ أن سموّه سعى لمتابعة إنشاء شبكة طرق تربط أحياء المدينة المنوّرة بعضها ببعض، حيث يسهل لزائرها التنقل والوصول إلى المسجد النبوي الشريف بيسر وسهولة، فضلاً عن بقية المزارات الدينية المهمة في البلدة الطاهرة.

كما يحمل سموّه هدفًا أجمع الناس على أهميته وهو أنسنة المدينة المنوّرة، بحيث يكون كل مشروع فيها يهتم بالإنسان وكينونته وقيمته التي هي من أعظم القيم التي حثت عليها مقاصد الشرع الحنيف، وكان من آخرها الاحتفاء بمشروع «خيركم»، والذي دعيت إليه شخصيات من جميع أنحاء الوطن.

ونظرًا للخلفية العلمية والثقافية والفكرية التي تتمتع بها شخصية الأمير فيصل بن سلمان، فنجد أن سموه أولى اهتمامًا خاصًّا بموضوع المكتبات العلمية التي اشتهرت بها المدينة المنوّرة منذ عهود خلت، كمكتبة شيخ الإسلام عارف حكمت، والتي أسست في القرن الثالث عشر الهجري، ويوجد بها -كما أعلم - ما يقرب من خمسة آلاف مخطوطة، جلبها شيخ الإسلام في عهده لتكون النواة الحقيقية لمكتبة أضحت فيما بعد الأشهر بين مكتبات العالم العربي والإسلامي. كما أن هنا مكتبة المدينة المنوّرة العامة، والتي يحمد للشيخ الفاضل والمرجع في تاريخ المدينة المنوّرة الشيخ جعفر بن إبراهيم فقيه، رحمه الله، أنه قام بإقناع القائمين على المدارس والأربطة العلمية التي كانت تقوم قبل التوسعة السعودية الأولى، والتي جرت عام 1373هـ، حيث أقنع الشيخ الفقيه القائمين على تلك المكتبات بإهدائها للمكتبة التي أطلق عليها اسم المكتبة العامة.

واستشعارًا بأهمية هذا الموضوع طرحت على سموّه سؤالاً يتصل بالمبنى الذي سوف يعدّ إعدادًا كافيًا ليضمّ شتات هذه المكتبات وسواها، فكان جوابه المطمئن للنفس والعقل معًا، حيث قال سموه: إذا زرتنا قريبًا في المدينة المنوّرة فسوف ترى ما يسرّك.

وأسأل الله العلي القدير أن يجزي ولي الأمر الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، خيرًا باختيار هذا الأمير الإنسان لإمارة منطقة المدينة المنوّرة، حيث أحبه الناس، وذلك أيضًا مما يدخل في باب المنح الإلهية، والفيوضات الربانية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store