Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد بشير كردي

ويعود الحال!

A A
عيد بِأَيَّةِ حَالٍ عُدْتَ يَا عِيدُ

بِمَا مَضَى أَمْ بأَمْرٍ فِيكَ تَجْدِيدُ

قولٌ لحكيم العرب وشاعرهم أبي الطيب المتنبي وَصف به حال شعبه قبل قرابة ألف ومئة سنة؛ فترة تفكُّك الدولة العباسية وتناثر الدويلات الإسلامية التي قامت على أنقاضها، وتعرض المنطقة بكاملها لغزوات الروم والصراع المستمرِّ على الثغور الإسلاميَّة. وما يزال «بأيَّة حَالٍ عدت يا عيد» يتردَّدُ على الألسنة كلَّما عاد أحدنا بالذاكرة إلى هجمات المغول، واحتلال هولاكو معظم بلادنا في جنوب غرب آسيا بعد أن قتل الملايين من أهالينا. وعقبتها حروب دينيَّة دفعت بها بابوات الفاتيكان إبَّان تحكُّمهم بملوك أوروبا وعامة الناس عداء للإسلام والمسلمين. فاحتلُّوا بيت المقدس وفلسطين لمئة سنة حتَّى تمكَّن القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي من تحرير بيت المقدس وما حوله.

ومع قيام السلطنة العثمانية ولمِّ شمل المسلمين وتمكُّنها من أسلمة القسطنطينية وتوسعها في بلدان أوربا الشرقية، ثارت حفيظة الصليبيين من جديد لتقويض السلطنة العثمانية.. وفي الوقت الذي كانوا يعملون على تصفية عرقية ودينية في بلاد الأندلس. هذه البلاد التي عاشت قرونًا ثمانية تشع النور والمعرفة ورمزًا للتعايش والتسامح... وضاعت الأندلس، وتمَّ القضاء على السلطنة العثمانية. وتقاسم الحلفاء ممتلكاتها، ونال عالمنا العربي الكثير من الظلم والتعسُّف للقضاء على عروبته ومصادرة أراضيه وثرواته.

كانت البداية في فلسطين التي أعلنوها وطنًا قوميًا صهيونيًا لليهود. وتلاها تأليب الفرق الضالَّة المذهبية الطائفية على مجتمعاتهم بداية بإحياء النزعة الصفوية الفارسية، وتمكينها من فرض وجودها في أكثر من بلد عربي لتطويق بلد الحرمين الشريفين، والدفع بمجموعات من بني قومنا يرفعون راية التوحيد زورًا وإجرامًا، كالقاعدة وطالبان وداعش لتمرير مخطَّط تفتيت العالمين الإسلامي والعربي. وأُخرى طائفية مقيتة لا تمثِّل حتى عُشر سكان أعرق بلد عربي، وصل عسكرها إلى السلطة في غفلة من الزمن، فمزقوا نسيجها الاجتماعي قتلًا وسجنًا وتشريدًا للملايين مستعينين بالمستعمرين الجدد من الصفويين والروس والأمريكان الذين تقاسموا الأرض والبحر والجو لتثبيت أقدامهم شرق البحر الأبيض المتوسط... وفي هذا، تمكين للصهاينة من تمرير حلم إسرائيل الكبرى.

أليس في هذه النكبات ما يدمي الفؤاد، ويحرمنا من فرحة العيد كما يجب أن يكون الفرح! ومع هذا الواقع المر تجدنا نزرع البسمة على وجوهنا وعلى وجوه أطفالنا في يوم العيد إيمانًا بقضاء الله وقدره، مصداقًا لقوله تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾. وعلى أمل: ﴿نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ، وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾، وقد استجبنا لوعده تعالى: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store