Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عاصم حمدان

عباس طاشكندي ومسيرة مباركة مع الموسوعة

رؤية فكرية

A A
عرفت البحث والأستاذ الأكاديمي المتخصص في علم المكتبات الدكتور عباس طاشكندي منذ زمن بعيد، حيث كان يتردد على مكتبة عارف حكمت بالمدينة المنوّرة، والتي كانت تقع في الجهة الجنوبية من المسجد النبويّ الشريف، وكان عندئذ يحضّر لرسالة الدكتوراه عن المكتبة نفسها، وعندما عدت من دراستي في المملكة المتحدة، والتحقت بكلية الآداب بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة، عرفت الدكتور طاشكندي من خلال أعماله الإدارية كعمادة المكتبات، ولجنة الترقيات العلمية، وأمانته بمجلس الجامعة. وأتذكّر مقولة للصديق المرحوم السيد غازي عبيد مدني، ذات يوم، حيث جاء ذكر الدكتور طاشكندي، حينها علّق -رحمه الله- قائلاً: لا أستطيع الاستغناء عن معارف وجهود الدكتور طاشكندي.

ثم توثقت العلاقة بيننا عندما رغب معالي السيد أحمد زكي يماني في إصدار موسوعة تخص تاريخ الحرمين الشريفين والموسومة بـ»موسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة»، وضم مجلسها العلمي عددًا من الأسماء العلمية المتخصصة، ممثلة في: الأستاذ الدكتور عبدالوهّاب أبوسليمان، الأستاذ الدكتور عبداللطيف بن دهيش، الأستاذ الدكتور غازي بن عبيد مدني، الأستاذ الدكتور عباس طاشكندي المحرر الأول للموسوعة، الأستاذ الدكتور عاصم حمدان، الأستاذ الدكتور عبدالرحمن المزيني، الأستاذ الدكتور عدنان الشريف، الدكتور عمر فلاتة، الدكتور معراج مرزا، الدكتور محمد عبدالكريم بن عبيد، الدكتور عبدالله شاووش، والدكتور يوسف حوالة..

وكانت هذه الموسوعة جزءًا من أعمال علمية كبيرة تصدت لها مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، التي يرأسها معالي السيد أحمد زكي يماني. وأتذكر أننا في اجتماعاتنا الأولى التي تسعى لبناء هيكل هذه الموسوعة كان السيد يماني يسعى لأن نبدأ العمل مبكرين صباحًا ولا ننتهي منه إلا في نهاية اليوم، كما كان حريصًا -شافاه الله- على التعددية، والرأي الآخر، بعيداً عن الانحياز أو الرأي الواحد، الأمر الذي ظهرت ثماره الإيجابية في مسيرة هذه الموسوعة المباركة، التي تستقبل الساحة الأدبية والثقافية والعلمية اليوم المجلد التاسع منها، وقد خصص للحديث عن «حلقة - الخضيرة»؛ بما يشير إلى ابتدائها بمفردة «حلقة»، وانتهائها بمفردة «الخضيرة»، وذلك اتساقًا مع نهج الموسوعة التوثيقي لكل مناشط الحياة التي كانت سائدة في ديار الحرمين الشريفين في الحقب السابقة، بما يرسم صورة جلية عن ذلك للأجيال اللاحقة، ويحفظ لها إرثها وموروثها الثقافي والحضاري، بخاصة وأن الموسوعة تعتمد على الوصف الحرفي الدقيق للأثر أو المشهد التاريخي، وتزين ذلك بالصور التوثيقية ما أمكن ذلك، وكل هذا يرفع من قيمة الموسوعة في معرض الموسوعات التاريخية ذات القيمة العلمية العالية، والتي يركن إليها الباحث باطمئنان وثقة، ولا يجد عنها بدلاً لو شاء البحث والنظر في تاريخ مكة المكرمة والمدينة المنورة. ولابد أن نشير إلى أن دارة الملك عبدالعزيز تعمل على إصدار موسوعة شاملة ودقيقة عن الحرمين الشريفين، وبعناية ورعاية من خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، والذي لا يألو جهدًا في نشر كل ما يتصل بأثر علمي أو تاريخي عن بلادنا، التي تحتضن بيت الله الحرام، ومثوى سيدنا رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، وبهذا نالت شرفًا لم تنله أي بقعة في الأرض، وحظيت كرمًا إلهيًا لا نظير له في هذه الدنيا على الإطلاق.

إن الناظر في المجلد التاسع لموسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة، سيلحظ بجلاء مقدار الجهد المبذول، سواء على مستوى تحضير المادة ومراجعتها والحرص على موثوقيتها، بجانب ظهوره في ثوب قشيب مثل المجلدات الثمانية السابقة، بما يدعو للفخر والاعتزاز، والإعجاب بصنيع هذا الرجل، الذي أوقف نفسه لخدمة العلم والثقافة والتاريخ، موصولاً ذلك بأقدس البقاع وأشرفها، فما أحسن السعي، وما أبهى الصنيع، الذي نسأل الله أن يمد في أجيال القائمين عليه ليبلغ تمامه وغايته المنشودة، ويبارك فيهم، ويجعل العمل خالصًا لوجهه الكريم، إنه نعم المجيب.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store