Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

تحية العَلَم.. وللدرس بقية

حتى لا يتسرَّع التربويون الفضلاء بالحكم المُسبَق، فإنني أؤكد أن الفئة المستهدفة بالمقال لا تشكل -في تقديري- ظاهرة، مقارنةً بأعداد التربويين الأكْفِياء في مدارس التعليم العام، الذين سطروا ولا يزالون

A A

حتى لا يتسرَّع التربويون الفضلاء بالحكم المُسبَق، فإنني أؤكد أن الفئة المستهدفة بالمقال لا تشكل -في تقديري- ظاهرة، مقارنةً بأعداد التربويين الأكْفِياء في مدارس التعليم العام، الذين سطروا ولا يزالون يسطرون أروع صور البذل والعطاء، فأضحوا شامة في جبين التربية والتعليم. لكنها –أي الفئة المستهدفة بالمقال- في تنامٍ مستمر يُخشى أن تصل لدرجة الظاهرة، وعندها يتسع الخرق على الراقع. يا ترى ما سمات هذه الفئة؟ إجمالاً يمكن أن نقول إنهم يتصفون بعدم الالتزام بعقدهم مع وزارة التربية والتعليم، وعند التفصيل نقول إنهم (لا يَحضُرون)، وإن حضروا (فلا يُبكِّرون)، وإن بكَّروا (فلا يقومون بما يُوكل إليهم)، وهم (سرعان ما ينصرفون). هذه أبرز أربع سمات عُرفوا بها، مع العِلم أن هناك ظروفًا (تُلجِئ) التربوي (أحيانًا) إلى هذا الأمر، وهذه ليست المقصودة من كلامنا. لقد جاء خطاب أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل –قبل فترة- القاضي بالتأكيد على أداء تحية العَلَم، ليسد ثغرة كانت في نمو مضطرد، وأعني بها الصفتين (الأولى والثانية) من صفات هذه الفئة، حيث إن خطاب سموه كان واضحًا وحازمًا وملزِمًا بتأدية تحية علم التوحيد، مما يعني (إلزامية الحضور والتبكير فيه)، فأداء المعلم لتحية العلم يُفترض أن يكون مؤشرًا على صدق المحبة والولاء لراية التوحيد وللوطن، ممثلاً في القادة والرعية. ولنا أن نتساءل عن الدوافع وراء هذه الممارسات (الأربع) سالفة الذكر، التي تخالف القيم التربوية التي تنشَّأ عليها التربوي؟ أولى هذه الدوافع وأهمها تتحمله الوزارة ويتمثل في (تراخي) النظام الذي من المفترض أن يحضر حيال تلك الممارسات، لذا يبرز المثل المشهور بتصرف «مَن أَمِن العقوبة أساء العمل». من الأسباب أيضًا شهوة الانتقام من الوزارة أو إدارة التربية والتعليم نتيجة نقل المعلم، أو تنحية الإداري عن منصب كان يتبوَّأه. من الأسباب كذلك طول بقاء (الإداري) في منصبه مما يولد لديه الشعور بأن قَدَمَه رُسِّخت لأنه لم يبقَ هذه المدة (الطويلة) إلا نتيجة عدم قدرة المسؤولين على زحزحته، بالتالي لا يعبأ بالنظام. من الأسباب كذلك تعدد المصالح الخارجية (الخاصة) التي تشغل التربوي عن ممارسة مهنته الأساسية. عطفًا على الدوافع والمسببات فكما ذكرتُ بأن قرار الأمير حجَّم اثنتين، لكن بقيت اثنتان وهما: عدم القيام بما يُوكل إليه، أو الانصراف (المتكرر) بعد أداء تحية العلم بوقت يسير. إذن نحن أمام تحايل متعمد وتحد صريح للأنظمة، ومن المهم أن يتيقن هؤلاء أن أداء تحية العلم (لا تعفي) التربوي من مهامه الأخرى، وليست (جواز عبور) إلى التمرد على النظام؛ لأنها تمثل الجانب (المعنوي) فقط، وما يصدِّق ذلك أو يكذِّبه هو الانضباط في العمل والممارسة الفعلية له. من هنا ونتيجة التحايل على قواعد المهنة فإني أوجه ندائي لسموه متضمنًا تطلع التربويين (الجادِّين) لقرار آخر يأخذ على أيدي المتهاونين بأعمالهم، الذين يظنون أنهم بأدائهم لتحية العلم قد خرجوا عن طوق المساءلة، وأنه حُق لهم الانصراف وترك مهامهم. وهي فرصة لتُوضِّح وزارة التربية والتعليم سبب التراخي مع هذه الفئة، أهو نتيجة عجز بديل؟ أم عدم وجود دليل؟ المؤكد أن كلا الاحتمالين منتفيان؛ فآلاف الخريجين لا يزالون يطرقون أبواب الوزارة لتعيينهم، إذن فالبديل موجود (بوفرة) وهو أحق بالعمل من هذه الفئة المماطلة؟ أما من حيث الدليل فتقارير (بعض) مديري المدارس ومديري مكاتب التربية عن هذه الفئة تشهد بها أدراج أقسام (المتابعة) في إدارات التعليم، فماذا تنتظر الوزارة..؟! هذا فيما يتعلق بالتربويين في (مدارس التعليم العام). لكن ماذا عن (بقية التربويين) في مكاتب التربية وإدارات التربية والتعليم والجامعات، ووزارتي التربية والتعليم العالي؟، وماذا عن بقية (موظفي الدولة) في القطاعات كافة؟، ما الضابط لهؤلاء (الموظفين) وهم لا يؤدون تحية العلم بحكم أنهم غير معلمين؟، ألا يمكن أن يؤدوا تحية العلم خاصة وأن وقت حضورهم موحَّد؟، وماذا عن الأرقام الجلية لتسرُّبهم التي بلغت بحسب الدكتور إبراهيم كتبي في إحدى مقالاته بهذه الجريدة -بعد استثناء منسوبي التعليم من الرقم العام- حوالي (50) ألف حالة تأخر وغياب للعام المالي (1428-1429هـ) فقط؟!! ألا يشي بضعف الولاء أيضًا؟، وما الضابط لهذا التسرب الذي يتنافى -تمامًا- مع مبادئ (الدين) الحنيف و(الوطنية) الحقَّة؟!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store