استجابة النداء لتلبية الدعاء

استجابة لطلب الله عز وجل: «ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ». لبَّى نبيُّ الله وخليله إبراهيم عليه السلام داعيًا: «رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْر ِذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ». واستجابة لدعائه، تقاطر ضيوف الرحمن من جميع البلاد؛ من كلِّ فجٍّ عميق ٍمُولِّين وجوههم إلى «أَوَّل بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمينَ»، طلبًا للثواب وللرزق، جالبين معهم من ثمرات أراضيهم؛ مأكلًا ومشربًا وملبسًا. وعلى مدى الأزمان والعصور تزايدت أعدادهم وتنوَّعت أعراقهم وتباينت ألسنتهم قاصدين بيت الله الحرام بالمئات فالآلاف فالملايين...

وبتضافر المشيئة الربَّانيّةِ مع رعاية الملوك خدَّام الحرمين الشريفين وسدنتهما، ثم عناية المكّييِّن، تحوَّلت قبلة المسلمين؛ مكَّة المكرَّمة أقدس بقاع الأرض من وادٍ غير ذِي زرعٍ إلى تجمُّع حضاري ثقافي فريد حافل بسبل المواصلات البريَّة والبحريَّة والجويَّة. يبذل جميعهم الغالي والرخيص لتوفير الإقامة المريحة لضيوف الرحمن. وهكذا شهدت مكَّة المكرَّمة توسعة غير مسبوقة لبيت الله الحرام وللحرم النبويِّ الشريف في المدينة المنوَّرة. ورافق ذلك كلِّه شقُّ الطرق السريعة للمركبات في طول البلاد وعرضها، ومدِّ السكك الحديد فائقة السرعة بين المدينتين المقدَّستين والمشاعر.

ومؤخرًا، برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -يحفظه الله- لتطوير مرافق العاصمة المقدَّسةً لاستقبال ثلاثين مليون معتمر وخمسة ملايين حاج من ضيوف الرحمن، وبخطَّة جريئة، بدأ العمل بها فور اعتماد القيادة الرشيدة لها لتنجز وفق تنمية 2030؛ مَّا يجعل أمَّ القرى وما حولها -على مدار العام- على ما عليه في موسم الحج من حركةٍ وازدحام، متقدِّمة بعدد قاصديها على أيِّ مدينة أخرى في العالم، بعد أن تقوم فوق أرضها المباركة مجمَّعات سكنيَّة وفندقيَّة ومراكز تجاريَّة وثقافيَّة، ترتبط جميعها بشبكات مواصلات تغطي كلَّ أحياء مكَّة المكرَّمة، وصولًا إلى بيت الله الحرام.

ولما للمدينتين المقدَّستين من خصائص للتسابق على خدمة ضيوف الرحمن، فستحظى المدينة المنوَّرة بمشيئة الله ثم عناية أولياء الأمر بتطويرها، بما يُلبِّي احتياجات زوَّار بيت رسولنا الكريم من إقامة مريحة وشبكة طرق ومواصلات تربط مرافقها كافَّة بالحرم المدنيِّ الشريف وبالمساجد والأماكن الأثريَّة، التي يحرص ضيوف الرحمن على زيارتها. وبهذا تعظَّم شعائر الله التي هي من تقوى القلوب.