Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. محمد سالم الغامدي

المحبة والولاء والتقديس

A A
عندما خلق الله سبحانه وتعالى البشر، جعل في أجسادهم كل ما يحتاجونه لممارسة حياتهم اليومية بكل متطلباتها، من عبادات ومعاملات، فخلق في كل جسم من أجسامهم؛ العظم واللحم والأعصاب والعضلات، وخلق الشرايين والأوردة والشعيرات الدموية، والدم ليجري فيها بأمر القلب وتوجيهه، ثم جعل فيها المخ ليتولى إدارة وتوجيه كل مكونات ذلك الجسم وفق منظومة معقدة من الأعصاب والعضلات والعظام بمفاصلها، وجعل لهم الجوارح ليتولى كل منها عملاً مخصصاً له، وكل ذلك يحدث وفق قوانين ربانية ثابتة، ثم جعل في كل جسد مشاعر وجدانية محسوسة وغير ملموسة، يحملها ذلك المخلوق الإنسان في كل مراحل حياته، لتجلب له الفرح والترح والحب والكراهية والغضب والهدوء والسعادة والكآبة والحزن والبهجة، وبالطبع فإن الله سبحانه وتعالى لم يخلق ذلك الجسد إلا ليؤدي الدور المطلوب منه في بناء الحياة في الأرض، بعد أن استخلفه الله فيها وليؤدي العبادة له سبحانه بكل صورها، (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)، لكن كل تلك المكونات لم تُخلق عبثاً، بل خُلقت لتأدية العبادة لله والمعاملات الحياتية مع الناس، وسيُحاسب كل فرد على تلك الأعمال، إما عبادات أو معاملات.

ولعلي هنا أجتز بعض تلك المشاعر، لأتحدث عنها والدور الذي تقوم به، وحدود ذلك الدور، ولنبدأ بأهمها وهو: المحبة، التي أراها من أهم القيم الإنسانية الفاضلة التي منحها الله لكل البشر، وهي تمارس بينهم بمستويات مختلفة أعلاها حب الله تعالى وبدرجات متفاوتة، تبدأ بالإعجاب وتنتهي بالوله، والمحبة لا تقتصر على البشر فقط، بل توجد في كل ذي روح، وحتى عند الشجر والحجر، وقد تتبادل بين جميع الفئات.

أما الولاء فهو خاص بين البشر، تفرض وجوده سلطة اجتماعية أو سياسية أو دينية، كالولاء للحاكم على سبيل المثال.

أما التقديس فهي مشاعر تُمثِّل المبالغة الشديدة في الحب، وهي لا تُمنَح إلا لله سبحانه وتعالى، ومن منحها لبشر غير الله فقد أشرك به عز وجل، والله لا يغفر أن يُشرَك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، ولعل هذا ما وددتُ طرحه، كون عملية التقديس بين أفراد البشر أصبحت في عصرنا الحاضر ظاهرة تمارس بدرجة لافتة، نلمسها ونشاهدها كل يوم في مجتمعاتنا العربية، وقد سبق أن انحرفت بأمم قبلنا. والله من وراء القصد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store