Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

المهرجانات .. هل تستعيد وهج الأسواق الشعبية؟

المهرجانات .. هل تستعيد وهج الأسواق الشعبية؟

A A
تستعيد الأسواق الشعبية القديمة في منطقة الباحة، البالغ عددها قرابة 20 سوقًا، بعضًا من ألقها ونشاطها في الماضي، من خلال المهرجانات والفعاليات المتنوعة التي تقام فيها خلال الفترة الماضية، لتنجح في جذب العديد من الزوار والسياح والأهالي، ما يدفع البعض للتساؤل: هل تستعيد تلك الأسواق الشعبية وهجها القديم، حينما كانت ملء السمع والبصر ومقصد كثيرين، أم تكون مجرد انتعاشة موسمية عابرة؟.

وباتت الأسواق الشعبية الأسبوعية بمنطقة الباحة، مقصدًا للباحثين عن المنتجات الشعبية، وتشهد إقبالًا نظرًا لتنوع بضائعها وبساطة معروضاتها التي تمزج الماضي والحاضر وهو ما منحها ميزة تجعل الزوّار والسياح يهوون التسوُّق فيها.

وتتخذ الأسواق أسماءها من أيام الأسبوع مثل سوق الخميس في مدينة الباحة ووسط المخواة، وسوق الثلاثاء في قلوة إضافة إلى سوق الحجرة وأسواق يوم الأربعاء في القرى، والسبت في بلجرشي ويوم الجمعة في معشوقة وأسواق أخرى في القرى والهجر.

سلع ومصنوعات متنوعة

وتتوفر في هذه الأسواق أنواع عديدة ومختلفة من السلع والمصنوعات الجلدية والمفروشات والأدوات الحرفية والخشبية والزراعية والعسل والسمن البلدي وتوجد أركان خاصة للنساء للبيع والشراء تختص بالمرأة مثل الأطياب والبخور والملابس وبعض الأوعية والتحف. وقد حرصت بعض المحافظات على استحضار ما كان عليه السوق في الماضي وإقامة الفعاليات وأركان عروض فلكورية، أسر منتجة، وحرف وأعمال يدوية، وبسطات، ومسرحًا للطفل والأسرة، وفنونًا تشكلية.

ويقول محافظ العقيق الدكتور فيحان العتيبي إن الأسواق الشعبية تمثل أهمية كبيرة في حياة الأهالي كونها ترتبط في كثير من محتوياتها بالماضي وتخدم العديد من فئات المجتمع بأسعار منخفضة في الغالب حيث تتناسب مع دخلهم المادي سواء المستثمرين أو الأسر المنتجة أو المتسوقين، ويكون الاهتمام بها وتطويرها وتنشيطها بإقامة فعاليات دورية تخدم فئات المجتمع المستفيدة، وإعادتها للواجهة كجزء ومظهر من الموروث الشعبي يمد الناشئة بما كان عليه الماضي وبالتالي تأتي المقارنة بين الماضي بجمالياته والحاضر بتقنياته الحديثة.

إعادة الوهج بروح العصر

ويقول نائب رئيس المجلس البلدي بأمانة منطقة الباحة جمعان الكرت: لقد نشأت الأسواق الشعبية لتحقق حاجات اجتماعية واقتصادية وثقافية فمن خلال السوق تحدث حركة البيع والشراء لأنواع السلع المحلية والمستوردة وبه يتناقل الناس الأخبار والأحداث وتُطرح فيه العلوم وتُقام به البدوة فالسوق لا يقتصر على الجانب التجاري فحسب بل تمتد أهميته في الجانب الإعلامي، وقُبيل فترة ليست بالبعيدة انطفأت أسواق شعبية كثيرة وبقي منها القليل، وهناك مطالبات بإعادة وهجها بأسلوب يتناغم والحياة العصرية وهنا يمكن من جهات الاختصاص مثل الهيئة العامة للسياحة والتراث أن تقف على مواقع الأسواق الشعبية القديمة لتضع الدراسات بهدف ترميم الحوانيت بذات الطراز المعماري الحجري وتهيئة الساحات برصفها بالحجارة واختيار الأضواء المناسبة ودعوة رجال الأعمال للاستثمار، وأظن أن الكثير من الزوار والمصطافين يتوقون إلى البحث عن ثقافة المجتمع ليتعرفوا على العادات والتقاليد والصناعات الحرفية اليدوية والمنتوجات المحلية ومن خلال الأسواق التراثية يمكن تحقيق ذلك، وهنا يمكن الاستقادة من الأسواق في الجوانب السياحية والتراثية والإعلامية، فهل يتحقق هذا الحلم؟

نجاح الحفاظ على عبق الماضي

ويشير الخبير السياحي أحمد الزهراني إلى أن الأسواق الشعبية تظل تعكس جانبًا مهمًا من طبيعة المجتمع وثقافته، منذ قديم الزمن ومنها سوق عكاظ وغيره من الأسواق الشعبية الموسمية أو الأسبوعية التي ما زالت إلى الآن كسوق خميس الشعراء في بلاد زهران الذي مازال محافظًا على عبق الماضي منذ أكثر من 100عام، وهيئة السياحة السعودية عزفت على أوتار الماضي بإقامة العديد من الأسواق الشعبية والمهرجانات التي تحاكي الماضي وتهتم بسياحة التسوق وقد تعاملت الهيئة مبكرًا مع هذا النمط السياحي، ونجحت، ونقلت بالتعاون مع الجهات المعنية في كافة المناطق المستوى التقليدي للأسواق الشعبية القديمة إلى مستويات تحافظ على أصالتها وتحقق عنصر الجذب السياحي، وبالفعل، بدأت تأخذ حضورها الكامل في البرامج السياحية. وظهرت جليًا في عدة مهرجانات.

منتجات الأمس واليوم

ويقول عمر الغامدي: عند دخول الزائر لأول وهلة لهذه الأسواق الشعبية يعيش في لحظة تأمل حيث المحلات الحرفية والأبواب الخشبية والأواني التراثية التي تنقلك إلى الماضي عبر لوحة جذابة ممتعة كما تعرض منتجات العسل الطبيعي الذي يُجلب من المنطقة في فترة المواسم، والسمن البلدي والحبوب المحلية كالقمح والذرة والخضروات والفواكه والتمور والحلويات المحلية والملابس والأعشاب العطرية كالريحان والكادي، وتختلط بعض المنتجات ذات الطابع التقليدي مع المنتجات الحديثة كالأواني المنزلية والمنظفات، كما يُباع في السوق الأدوات والأواني الخشبية، ومنها ما هو مصنَّع محليًا. وتشهد الأسواق رواجًا للمبيعات.

انتعاش في السنوات الأخيرة

أما الزائر نواف النصار القادم من مدينة جدة فيقول: إن الأسواق الشعبية لا تزال تحتفظ بروادها الذين يفضلونها على الأسواق والمجمعات الحديثة، وهذه الأسواق لها ميزة كبيرة وتحتوي على أشياء قديمة وتراثية يصعب عليك أن تجدها في أسواق أخرى فلذلك نجد أن هناك سمعة كبيرة لهذه الأسواق كما أنها أصبحت مقصد الكثيرين من زوار الباحة من كافة المناطق.

ويشير فهد الغامدي إلى أن الأسواق الشعبية لم تتغير في حجم الإقبال عليها بل هناك ازدحام كبير وغير معتاد خصوصًا في السنوات الأخيرة ويفضل العديد من السياح عند زيارتهم للباحة زيارة الأسواق الشعبية والتي تمثل تراثًا للمنطقة.

ويقول علي عسيري: لا تزال الأسواق مقصدًا لبعض عشاق المنتجات الشعبية من زوّار المنطقة وتشهد إقبالًا كثيفًا نظرًا لتنوع بضائعها وبساطة معروضاتها التي تمزج الماضي والحاضر وهو ما منحها ميزة تجعل الزوّار يهوون التسوق فيها.

تطوير الأسواق الشعبية

وتسعى الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني للحفاظ على التراث في المملكة وتنميته ليبقى مصدرًا للاعتزاز وموردًا ثقافيًا واقتصاديًا، ومن أبرز المشروعات في هذا الجانب برنامج تطوير وإعادة تأهيل الأسواق الشعبية القائمة، وإعادة تأهيلها كوجهة اقتصادية وسياحية، من خلال رفع كفاءة التخطيط والتنظيم وعرض منتجات الأسواق وتوزيع أنشطتها وتنسيق حركة المشاة والمركبات بصورة تلائم أهمية السوق كموقع اقتصادي واجتماعي وثقافي وسياحي له خاصية الاستدامة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store