في خبرٍ نشرتْه صحيفةُ «المدينة» الأسبوع الماضي، حذّرت الإدارة العامّة للمرور من القيادةِ في حالةِ النّعاس والإرهاق، مؤكّدة أنّ ذلك يُقلّل من تركيزِ قائدِ المركبة ويعرّضه ومستخدمي الطريقِ للخطر، موضّحةً أن النّعاس يؤدّي إلى إبطاء ردّة فعلِ قائد المركبة، ويؤثّر على قُدرتهِ على اتخاذِ القرار الصّحيح في الحالاتِ الطّارئة.
لا يسَعُني هنا سوى التشديدُ على خطورةِ القيادة تحت تأثير النُّعاس، والتي تُماثل في خطورتها خطورة القيادةِ تحت تأثير مُستويات كحولٍ مرتفعةٍ في الدم، يُعاقِب عليها القانونُ في المُجتمعات المتحضّرة. ففي عام (2007)، أصدرَت «الإدارة الوطنية (الأمريكية) للسّلامة على الطرق السريعة»، تقريراً مفادُه أن نحو (100 ألف) من حوادثِ السيّارات كانت نتيجةً لنعاسِ السائقين، وأنّ نحو (1550) من الأمريكيين يُقتَلون بسببِ ذلك كلّ عام.. وفي عام (2013) أظهر تقريرٌ للإدارة نفسِها أن النُّعاس كان مسؤولاً عن (27 ألف) حادثِ مركبة، و(44 ألف) إصابة، ومقتلِ (800) شخصٍ في تلك السنة، على الرّغم من أن تقاريرَ أخرى أشارتْ إلـى أن عدد الوفيّات اقتربَ من (6 آلاف) شخص.
ومن أهمّ عوامل الخطرِ المُرتبطة بالنّعاس أثناء قيادةِ المركبة، العملُ لساعاتٍ طويلة، وعملُ الورديات المُتعاقبة (الشفتات)، والقيادةُ أثناء ساعاتِ الليل الأخيرة أو لساعاتٍ طويلة بدون توقّف، كما يُعدُّ الحرمان من النوم، والإصابةُ بالشّخير المُزمن وما يتبعهُ من انقطاع التنفّس أثناء النوم، من الأسباب الطبية التي ترفعُ خطرَ حوادث السيارات نتيجة فرطِ النعاس.
أرى ضرورة قيامِ الجهاتِ الحكوميةِ الرّسمية المعْنية بدراساتٍ عِلمية وطنيةٍ شاملة لتحديدِ مدى انتشار مُشكلةِ النّعاس أثناءَ القيادة في المُجتمع السُّعودي، لجمعِ الأرقام ورصْدِ العواملِ والأسباب المُرتبطة بها، حيث أظهرتْ دراسةٌ أوّلية من جامعة الملك سعود بالرياض (عام 2014) أرقاماً مُقلقة تستدعي توسّع الجهات المعنية في رفعِ الوعي والبحثِ وتحديدِ النّسَبِ والأرقام والمُضاعفات، والخروج بمقترحاتٍ وإرشاداتٍ علميةٍ وأنظمة صارمة، تُساهم في الوقايةِ من هذه المُشكلة القاتلة وعلاجِها، حيثُ يرتبط النّعاسُ أثناء القيادة بزيادة نسبةِ حوادثِ السيّارات، نتيجةَ قلّة الوعي، وانتشارِ ثقافة السّهر المُفرط ومشكلةِ الحرمان من النّوم ومرض اختناقِ النوم، بمضاعفاتها فرْط النعاس في أثناء النهار وخلال قيادة المركبات.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
