Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عدنان كامل صلاح

نحن..والطاقة.. والمناخ

A A
حرارة الصيف هذا العام لا تقل ارتفاعاً عن حرارة الوضع السياسي والأمني في منطقتنا، الشرق الأوسط، وسجلت درجات الحرارة في أوربا وأميركا وآسيا، وحتى الهند، أرقاماً عالية أدت الى وفاة العشرات. وما زاد الوضع سوءًا هو عدم توفر وحدات تبريد هواء (مكيفات) في معظم المساكن بأوربا وغيرها من بلدان العالم التي أصابتها درجات الحرارة المرتفعة غير المتوقعة. وسيؤدي هذا الأمر الى مراجعة شاملة لطريقة بناء المنازل وكيفية توفير مكيفات الحرارة لأكبر عدد من المساكن. وارتفعت الأصوات من جديد محذرة من أن المناخ العالمي يتأثر نتيجة لاستخدام البترول وضخ كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون في الجو وإفساده. وهي حجة لازالت غير مقبولة بالشكل الذي وضعت في إطاره رغماً عن أن مؤتمر المناخ في باريس أقر برنامجاً لمواجهتها. وأدى الاختلاف حولها الى انسحاب أميركا دونالد ترمب، بشكل أحادي منها، وخرج خبراء مناخ وخبراء طاقة يجادلون في الهدف من تحميل البترول، واستخدامه، الإساءة الى المناخ (الصديق الدكتور محمد الصبان ـ خبير سعودي ــ منهم ). والجدير بالإشارة إليه أن لندن التي كان يطلق عليها مدينة الضباب حتى ما قبل حوالي خمسين أو ستين سنة اكتسبت هذا اللقب نتيجة الدخان الذي كانت تبثه مداخن المصانع التي كانت داخل المدينة وحواليها، وكانت برودتها عالية في ظل تلك المداخن الكثيرة. وفقدت لندن مسمى (مدينة الضباب) بعد أن تم سن قوانين أبعدت المصانع من المدينة وطورت أساليب التخلص من الدخان الكثيف لها. إلا أن الجدل حول هذا الأمر سيتواصل خاصة وأن هناك مؤسسات وشركات ومراكز تفرغت للدفاع عن نظرياتها حول هذا الأمر.

واهتمت وكالة الطاقة الدولية بدراسة توفر وحدات التبريد (المكيفات) في المساكن بمختلف أنحاء العالم، وخرج تقرير لها مؤخراً أشار الى أن المملكة العربية السعودية تتمتع بواحدة من أعلى نسبة المساكن التي تحظى بوحدات تكييف في منازلها وذلك بنسبة 63% من المساكن (أعلى نسبة اليابان 91% تليها الولايات المتحدة 90% ثم كوريا الجنوبية 86% والسعودية 63% ) يلي ذلك الصين 60% بينما البرازيل 16% والهند 5%. وتقول وكالة الطاقة الدولية أن عدد وحدات التكييف في الصين هي 569 مليون وحدة وفي الولايات المتحدة الأميركية 374 مليون وحدة بينما لا يوجد في دول الاتحاد الأوربي سوى 97 مليون وحدة رغماً عن أن سكان أوربا يفوقون عدد سكان أميركا.

من المؤمل أن ارتفاع أصوات المعترضين على نتائج دراسات المناخ والتي تبناها النظام العالمي الليبرالي وأقام لها المؤسسات العالمية وأقنع بها الصين وروسيا وعدداً من دول العالم الثالث، من المؤمل ان تنتج هذه الاعتراضات إعادة دراسة قضية المناخ بشكل أقل تحيزاً وأكثر اعتدالاً وبعيداً عن قناعات سياسية وأهداف استراتيجية خاصة لبضعة أطراف.

لأن قضية المناخ ليست محصورة على منطقة من العالم دون غيرها، ولن تفيد مكافحتها إذا لم تكتمل الصورة وتظهر الدراسات غير المتحيزه بشأنها، ويتم القبول بالسيناريوهات المتعددة حول هذا الأمر.

الأمر الآخر الذي يحتاج الى لفتة خاصة هو أن استخدامنا العالي في السعودية ودول الخليج، للكهرباء خلال فترات الصيف ليس نوعاً من الترف بل أنه ضرورة لمواجهة درجات الحرارة العالية والتي قد تؤدي، إن لم يتم مواجهتها، الى الموت خاصة لدى كبار السن والمرضى في المنازل. لذا يؤمل أن تسعى الدولة الى خفض قيمة الاستهلاك الكهربائي بشكل ملموس خلال فترات ارتفاع الحرارة بحيث يكون بإمكان المواطنين مواجهة ارتفاع تكلفة الكهرباء خلال فترات ارتفاع درجات الحرارة. وأن تقوم الجهات المعنية في الدولة بتمويل الدراسات الجامعية الجادة لرفع كفاءة أجهزة التكييف وخفض قيمتها وكلفة استهلاكها. وأما المناخ العالمي فإن لدينا من الخبراء من يمكن أن يساهم في الدراسات المتعلقة بهذا الأمر خاصة متى توفر الدعم المناسب لهم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store