Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالعزيز معتوق حسنين

المحبة فرض كفاية.. والأخلاق فرض عين

A A
يقسم العلماء الواجب ويسمى الفرض إلى قسمين: فرض عيني، وفرض كفائي.. فالفرض العيني هو ما طلب الشرع فعله من كل فرد من أفراد المكلفين طلبًا جازمًا، كالصلاة والزكاة والصوم والحج وبر الوالدين وصلة الأرحام.. أما الفرض الكفائي فهو الذي طلبه الشرع من مجموع المكلفين، ولم يطلبه من كل واحد منهم، فإن قام العدد الذي يكفي سقط عن الباقين، وإلا أثموا جميعًا.. فإذا قام به من يكفي سقط عن الآخرين.. هذا هو الفرق ما بين الفرض الكفاية والفرض العين.. وفرض العين لا يمكن أن يتحول إلى فرض كفاية؛ ولكن فرض الكفاية يمكنه أن يتحول إلى فرض عين.

مثال لذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثلا إذا رأيت إنسانًا يرتكب معصية وكان لا بد من نهيه ولا يوجد مع ذلك الشخص إلا أنت فبذلك يتحول فرض الكفاية إلى فرض عين عليك.. فرض كفاية على البعض يكفي ولكن فرض عين على الجميع دون استثناء..

فالحب أو المحبة واجب أو فرض كفاية على الفرد الواحد أو على البعض يكفي ويؤثر عليها الجميع.. أما فرض عين فهو واجب على الجميع ويأثم على عدم فعله.

معنى هذا أن المحبة واجب على الفرد أو الأغلبية ويؤجر عليها الجميع أما الأخلاق فهي واجب على الجميع.. لذلك كثيرة هي الأحاديث الكريمة التي حثَ فيها النبي محمد صلى الله عليه وسلم على الأخلاق الحميدة، ومن أبرز ما قال النبي في هذا الصدد حديثه الشهير المروي عن مالك بن أنس، حيث بلغه أنَ النبي قال: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.. في هذا الحديث الشريف يبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الهدف الأساسي من هذا الدين الحنيف ومن رسالته السمحة هو الأخلاق، فقد جاءت الشريعة الإسلامية لتتمم الأخلاق الحميدة التي كانت سائدةً بين العرب، فلا يمكن إنكار حقيقة أنهم كانوا أقوامًا أصحاب أخلاق رفيعة، فقد عرفوا بالعدل والكرم والشجاعة وغيرها، ولكنَ الإسلام جاء ليرسخ الأخلاق الكريمة الموجودة في المجتمعات، وليزرع أخلاقًا نبيلة.. أما المحبة فهي فرض كفاية.

أكتفي بهذه القصة.. عاش رجل فقير جدًا مع زوجته.. وذات مساء طلبت منه زوجته شراء مشط لشعرها الطويل حتى يبقى أنيقًا.. نظر إليها الرجل وفي عينيه نظرة حزن، وقال لها: ﻻ أستطيع ذلك حتى أن ساعتي تحتاج إلى قشاط جلد وﻻ أستطيع شراءه.. لم تجادله زوجته وابتسمت في وجهه.. وفي اليوم التالي وبعد أن انتهى من عمله ذهب إلى السوق وباع ساعته بثمن قليل، وأشترى المشط الذي طلبته زوجته.. وعندما عاد في المساء إلى بيته وبيده المشط وجد زوجته بشعر قصير جدًا وبيدها قشاط جلد للساعة فنظرا إلى بعضهما وعيناهما مغرورقتان بالدموع ليس ﻷن ما فعلاه ذهب سدى بل ﻷنهما أحبا بعضهما بنفس القدر وكلاهما أراد تحقيق رغبة اﻵخر.. فالمحبة فرض كفاية والأخلاق فرض عين.. والله أعلم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store