Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
خالد مساعد الزهراني

حدث في ساحة (المسجد)...!

صدى الميدان

A A
* مر شيخ كبير بمجموعة من الأطفال يلعبون في ساحة المسجد، فزجرهم من باب الحرص عليهم، دون أن يتنامى إلى ذهنه أن الزمان غير الزمان، وأن ما كان متاحًا لمثله بالأمس لم يعد له اليوم إليه سبيلًا إلا ما رحم ربك من أمل في بقية من يتشبثون بما يجب أن يكون من تربية.

* فمسألة أن تقوم بدور المسؤول الذي يتحرك من منطلق كلهم كأبنائي، فذلك زمن ولى، ولا يُعلم هل له رجعة أم لا، فكل المؤشرات تدفع نحو أن رجعته في ظل تربية قنوات السوشيال ميديا، أشبه بالمستحيل إن لم تكن المستحيل بعينه.

* فما تفوه به أولئك الصغار تجاه من هو لهم في مقام الجد من عبارات بذيئة، وردود كانت من قوة التأثير أن وقف بعد الصلاة مذهولًا مما سمع ورأى من صبية صغار أقرانهم في الزمن الماضي لا يمكن أن ينادوا كبيرًا باسمه "حاف"، دون أن يسبقوه بـ"يا جد، يا عم، يا خال"، حيث كان المجتمع أشبه ما يكون بالأسرة الواحدة.

* لماذا غاب ذلك السمو، وتوارى ذلك الاحترام من الصغير للكبير في زمن الأكثر، والأوفر في كل شيء، عدا ما يندرج تحت ما وجده ذلك الشيخ من أولئك الصبية، فالتعليم، والصحة، والحالة المادية، والوضع المعيشي، والتطور في جميع مناحي الحياة هو السائد، بل لا يقارن مع الأمس، رغم كل ما فيه من شدة، وفاقة، ومع ذلك نُحنُّ إليه بل نراه الأفضل وننعته بزمن (الطيبين).

* الطيبون الذين كانت حياتهم بسيطة، ولكنها لم تكن كذلك فيما يجب وما لا يجب، فالوالدان أبدًا لا يمكن لهما التهاون في شأن التربية، والابن عندما يُخطئ فعليه أن ينال عقابه الذي كان يتناسب طرديًا مع شدة خطأه، فضلا عما تتوارثه الأجيال من قيم، وعادات في مجملها بناء لشخصية الطفل، الذي يصدق فيه: وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه.

* لماذا كان هذا التردي، الذي يُلاحظه كل أحد، وفي ذات الوقت كل يرمي بالمسؤولية على غيره، مع أن الجميع يتقاطع في ذات المسؤولية، تلك المسؤولية التي تبدأ من المنزل، فكيف تُرجى تربية من "أم تخلت أو أب مشغول"، كما أن المدرسة التي جعلها البعض اليوم (حمالة أسية)، فهي اليوم بكل أسف لا تُذكر إلا في موطن التقصير، مع أنها لا يمكن لها أن تقوم بدورها دون الأسرة.

* مع جانب هام لا يخفى تأثيره، وهو ما يعيشه جيل اليوم صغارًا وكبارًا من (اختطاف) قنوات التواصل، التي تجنح بمقياس عدد المشاهدات إلى دمار شامل يهدد الأخلاق والقيم، إن لم يعد كل (قيْم) إلى ما يجب أن يقوم به، وأن يمارس دوره المناط به، وبكامل صلاحية (كلكم راع وكل مسؤول عن رعيته).

* إن ما حدث في ساحة المسجد لذلك الشيخ لهو إشارة، وعنوان صغير من عناوين كبيرة وكثيرة، تحتاج إلى وقفة مراجعة وتصحيح، وأحسب ذلك مرهون وباختصار شديد على قيام كل بدوره، فالتربية غِراس حتى يطيب جناه فلابد من معطيات سابقة، ومواتية، ولاحقة له، هذا إذا ما كان الهدف تدارك ما بقي، في زمن الشهرة فيه وكثرة المتابعين أصبحت للفراغ والفارغين، وعلمي وسلامتكم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store