Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عدنان كامل صلاح

طريق طويل لشرق أوسط جديد

A A
لا تريد أمريكا أن يُسحب منها صلاحية أو حق التفاوض مع إيران سراً أو علناً، وأصر الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، على عدم قبول ما اتفق عليه أعضاء قمة الدول الصناعية السبع الآخرون المجتمعون في مدينة (بيارتيز) جنوب فرنسا تحت عنوان: «خفض التصعيد في الخليج»، وتوكيل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ببحثها مع الإيرانيين، في مسعى لحل الأزمة الخليجية التي سببها الإيرانيون بعد إعلان واشنطن رفضها اتفاقية الرئيس السابق، باراك أوباما، معهم حول نشاطهم النووي، حيث لم تشمل وقف اعتداءاتهم على دول الخليج أو الحد من توسعهم عسكرياً على مساحة واسعة من الأراضي العربية مباشرة وعبر وكلاء ورغبة واشنطن إعادة التفاوض بشأنها.

استخدم الإيرانيون وسائل عدة للإبقاء على اتفاقهم مع إدارة أوباما الذي يُعطيهم حق إنتاج قنبلة نووية، ويرفع عنهم أي قيود يفرضها المجتمع الدولي ضد مثل هذا النشاط، وفي نفس الوقت لا يحد هذا الاتفاق من سعيهم للهيمنة على منطقة الشرق الأوسط بكل السبل الممكنة. وهو ما تأكَّد فعلياً خلال الفترة الماضية منذ توقيع هذا الاتفاق المشؤوم.

وبالرغم من أن الأمريكيين لم يوافقوا على تفويض ماكرون بالحديث مع الإيرانيين، إلا أنهم لم يعترضوا على أن يقوم بذلك. فما الذي تحتوي عليه المبادرة الفرنسية التي تستهدف «خفض التصعيد في الخليج»؟.. علماً بأن الرئيس الفرنسي التقى في قصر الأليزيه يوم الجمعة الماضية، قبل يوم من انعقاد قمة الدول الصناعية السبع الكبرى، مع محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني، وعرض عليه أفكاره المتعلقة بما سيعرضه في قمة السبع ومقترحات أخرى. ولاقت الأفكار التي تلقاها ظريف قبولاً منه، عبَّر عنه في تصريحات عدة. وما يتسرب عن مقترحات ماكرون لقمة السبع يشير الى أن على إيران وأمريكا أن توافقا على الدخول في حل يتكوَّن من مرحلتين رئيسيتين. فتقوم واشنطن بالعودة عن قرارها توسيع هامش العقوبات التي شملت ثماني دول كانت مستثناة من العقوبات المعتمدة عام 2018 مقابل دخول إيران في حوار حول الدور الإيراني في الشرق الأوسط وحول منظومتها الصاروخية، وأن تتراجع عن كل إجراءات تقليص التزاماتها بموجب الاتفاق النووي التي اتخذتها بعد انسحاب أمريكا من الاتفاق.

والجدير ذكره هنا أن أمريكا تُعيد صياغة دورها في الشرق الأوسط بشكلٍ مختلف عما كانت تفعل في الماضي. وبتركيز على ما سُمِّي «صفقة القرن» وجعل إسرائيل طرفاً رئيسياً في الحلول المقترحة للمنطقة بكاملها، وليس لقضية فلسطين فحسب.

وأعلن الأمريكيون عن مبادرة تحت مُسمَّى «عملية وارسو» دعوا إليها أكثر من 80 بلداً. وتشترك كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبولندا في قيادة هذه المبادرة التي أعلن أنها تستهدف «معالجة القضايا الطويلة الأجل في الشرق الأوسط»، وقال مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي، في كلمة له أمام مجلس الأمن الدولي يوم 20 أغسطس حول هذه المبادرة: «من حلب إلى عدن، ومن طرابلس إلى طهران، هناك حاجة إلى مزيد من التعاون في الشرق الأوسط أكثر من أي وقت مضى.. إننا بحاجة إلى تفكير جديد لحل المشاكل القديمة». وتم الإعداد لفرق عمل تحت مظلة «عملية وارسو»، تبدأ عملها خلال شهر أكتوبر القادم، في كوريا الجنوبية لبحث أمن الفضاء الإلكتروني والولايات المتحدة لبحث حقوق الإنسان والبحرين للأمن البحري وأمن الطيران وبولندا لأمن الطاقة ورومانيا حول انتشار الصواريخ.. مما يعني أننا أمام برنامج جديد لنشاط دولي يلبس شكلاً جديداً حول قضايا قديمة.

ما دار في بياريتز الفرنسية وما يخطط له في وارسو البولندية يشير إلى أن الشرق الأوسط، بما في ذلك الخليج، موعود بالسير في نفق طويل قبل أن يتضح النور المتوقع في نهايته.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store