Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
خالد أحمد مقبول

لم تمت بعد!

A A
من ينظر إلى وضع الصحافة الآن ويقارنها بمراحل ماضية، يرى التراجع الكبير في كميات توزيعها وانخفاض انتشارها بشكل ملموس، وهو أمر ليس بخافٍ عن الجميع، بطبيعة الحال هذا الوضع أثر سلباً على مداخيلها ومواردها المالية التي كانت تعتمد على الإعلان، فالعلاقة طردية في مجال الإعلان بين سعة انتشار الوسيلة وبين إقبال المعلنين.

والدراسات الإعلامية تخبرنا أن ظهور التلفزيون أثَّر على الراديو الذي ظل يعاني لسنوات طويلة إلى أن استعاد عافيته مؤخراً وحظي بقبول المعلنين عندما استعاد انتشاره عبر المحطات الإذاعية التي استطاعت أن تتعامل مع رغبات ومطالب السوق وتوسع من حضورها وانتشارها.

ولا أود الدخول هنا في الجدل الذي تناوله البعض حول انتهاء الصحافة الورقية، ولكني أعتقد أن هناك عدة أمور تجاهلتها أو غفلت عنها إدارات المؤسسات الصحفية في الخمسة عشر عاماً الأخيرة أو قبلها بقليل، ثم كانت سبباً فيما تعانيه الصحف اليوم من آثار ومتاعب وعلى الأخص في الجانب المالي، وهي:

1- إنها لم تستشرف المستقبل عندما بدأت منتجات ووسائل جديدة في الظهور مثل الصحافة الإلكترونية ووسائل التواصل، ولم تنظر لها في حينه بجدية وما تشكله لها من تهديدات، وكان ينبغي عليها الاستثمار في هذه المجالات بصورة فاعلة ويكون لها حضور مبكر فيها وتحول التهديد الى فرصة، وهذا لم يحدث للأسف، وإن استخدمتها الآن فذلك جاء متأخراً وحرمها الميزة التنافسية.

2- عندما كانت المؤسسات الصحفية تحقق إيرادات مالية كبيرة وأرباحاً مجزية، لم توجِّه شيئاً من تلك المداخيل والأرباح الى أوعية استثمارية تحقق لها عوائد مالية جيدة ومستمرة تساعدها وتضمن لها الملاءة والقدرة المادية.

3- حتى الآن لا تجد من الصحف الورقية خطوات جادة وملموسة فيما يتعلق بمواكبة متغيرات السوق، بحيث تغير من استراتيجيتها وظلت تسير بمنهجها الصحفي المهني متجاهلة المتغيرات السوقية، مثل التوزيع المجاني لأعدادها بهدف التوسيع من انتشارها، التركيز على ما وراء الحدث أو الخبر الذي أصبح المتلقي اليوم يطلع عليه في حينه في أكثر من وسيلة، التوجه إلى المواسم والفعاليات والمناسبات العامة، واستثمارها في شكل ملفات صحفية إعلامية غنية بالطرح والتناول، وغيرها من الطرق والأساليب التي ترتبط بتغيير نهجها التسويقي.

4- استثمار اسمها أو ما يعرف في السوق بـ»brand» وترسيخ وجودها في وسائل التواصل الحديثة مرتكزة على قيمها ومستوى الموثوقية فيها كقنوات إعلامية لديها موروث مهني ترتكز عليه.

5- التغيير في سياساتها التسويقية فيما يتعلق بالإعلان، ابتداءً من تنوع وسائله وفنونه بما يستوعب السوق وانتهاءً بمراجعة أسعاره.

6- تخفيض التكاليف التشغيلية من خلال الاستفادة من معطيات التقنية الحديثة وتوظيفها، خفض تكاليف الطباعة وتشكيل تحالفات طباعية بينها أو التعاقد مع مطابع خارجية، أو تحويل مطابعها الى مطابع تجارية إن كان ذلك ممكناً.

7- استثمار ما تملكه من أصول مثل المباني وغيرها.

في ظني أنه لا يزال لدى المؤسسات الصحفية الفرصة لكي تنهض بشكل أو بآخر وإن كان الأمر ليس سهلاً إلَّا أنه ليس مستحيلاً.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store