Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالعزيز حسين الصويغ

وكان أبوهما صالحاً

A A
ورث من والده دكاناً صغيراً في حي قديم، كان مشغلاً لإصلاح الأحذية، وكان يفكر أن يورِّث المحل لابنه، لكنه يدرك أن ولده قد يحمل طموحاً مغايراً. فرغم أنه كان يراقب كيف يُصلح الأحذية، ويقوم بكنس المحل وينظم معه المشغل قبل ذهابه إلى المدرسة، إلا أنه لا يعرف ما إذا كان ابنه يعشق تصليح الأحذية!.

****

دخل عليه أحد الأيام رجل مشرق الوجه، أنيق المظهر، يرتدي قميصاً أسود لا تجاعيد فيه وبنطالاً أزرق وهو يحمل حذاء مشقوقاً من الجانب. وطلب منه إصلاح الحذاء. أصلحه وأعاده إليه كأنه جديد، شكره الرجل وأخرج محفظته ليدفع أجر إصلاح الحذاء. فقال صانع الأحذية: عذراً، يا صديقي إنها هدية يوم مولد ابنتك، لقد أتمت السادسة من العمر، أليس كذلك؟.

- دُهش الرجل، وقال كان هذا منذ شهور، وكان الحذاء هدية يوم مولدها، وقد شق الحذاء ولم أكن أريدها أن تحزن إذا تلف.

- قال صانع الأحذية: إذن اعتبره هدية يوم مولدها، ستحتاج لآخر العام المقبل. أعاد الرجل محفظته واستعاد الحذاء، وشكر صانع الأحذية وغادر بهدوء.

****

تعجَّب ولد صانع الأحذية من صنيع والده، فسأله: أبي، هل تعرف ذلك الرجل؟.

- صانع الأحذية: لا.

- الابن: لِمَ لمْ تأخذ منه مالاً؟، لا تبدو عليه الحاجة؟

- الأب: استمع يا بني، لقد علَّمني أبي ألا أحكم على الناس من مظاهرهم. وأنا أستطيع اليوم أن أميِّز الغني من المتعفف.

- الابن: كيف ذلك يا أبي والرجل يرتدي ثياباً أنيقة؟.

- الوالد: عزيزي، الأغنياء لا يصلحون أحذيتهم، رجل أنيق؛ لكن ثيابه قديمة... لو ركزت النظر قليلاً، لرأيت في قميصه بعض الثقوب الصغيرة، كما أن حذاءه مهترئ بعض الشيء... يبدو أن لديه زوجة رائعة تحافظ على مظهر زوجها مهما كانت حالته المادية... تماماً مثل أمك. ويكفيني أن أرى سعادة الرجل حين خرج من الباب. دعوة صادقة من القلب تغني عن مال العالم.

****

ذهب الفتى الى المدرسة وقد وضع هدفه نصب عينيه، وحين سأله المعلم ماذا تريد أن تُصبح عندما تكبر أجابه بثقة: أريد أن أكون صانعاً للأحذية.. تماماً مثل أبي.

#نافذة:

﴿وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا﴾.. [الكهف: 82]

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store