Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

نقاد «الشللية» : صنعت جيلا «مشوها» من الفنانين التشكيليين

نقاد «الشللية» : صنعت جيلا «مشوها» من الفنانين التشكيليين

المشاركات الخارجية واجب وطني.. فلماذا الوساطة والمجاملة؟

A A
أجمع نقاد على أن الوساطة، والعلاقات، و»الشللية»، أفسدت المنظومة الراقية للفنون البصرية من تشكيل، ورسم، وخط عربي، ونحت، مؤكدين أن المشاركات باتت حكرًا على مجموعة من الفنانين أصحاب النفوذ، فيما توارت بل غابت - كليّا - أعمال الرواد والفنانين الشباب ممن يعكسون بأعمالهم البيئة والتراث السعودي. وعدَّد النقاد لـ»المدينة» الأسباب التي أدت إلى ضبابية الصورة فى عالم الفن التشكيلي، معزين الأمر إلى الاختيارات غير الواضحة للمشاركين خارجيًا.

موضوع شائك

يقول الدكتور والناقد محمد الرصيص: المشاركات الخارجية في الفن التشكيلي السعودي موضوع شائك، وذلك لأسباب كثيرة، وحينما كانت الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وجمعية الثقافة والفنون، هي من يهتم بالتشكيل كنا نطالبهم باختيار الفنانين بصفة دورية، وتكون المشاركة دورية بين كل الفنانين، خصوصا في تلك الفترة، وكان العدد قليلًا بحيث يأخذ كل فنان نصيبه، أما الآن فالمطالبة بذلك صعبة لتعدد المؤسسات التي أصبحت تهتم بالفنون التشكيلية، ومثال ذلك مركز إثراء التابع لشركة أرامكو، وهذا المركز له علاقة مع عدد من الفنانين وأعمال معينة يرون أنها تستحق العرض والمشاركة في مناسبات دولية.

آفة الشللية

ويقول الفنان أحمد ربيع: خضعت المشاركات في مجال الفنون البصرية لما يمكن تسميته بـ»الشللية»، إذ تكررت نفس الأسماء في أغلب المشاركات، مما أدى إلى إحباط الكثيرين من الفنانين كبارًا وذوي تجربة طويلة وناضجة، وشبابًا واعدين لا تنقصهم الموهبة. لذلك يجب أن تعتمد وزارة الثقافة بعد أن أصبحت هي المظلة الرسمية أن تعتمد آلية تتحرى العدل والتنوع، فالعدل يكون بترشيح الأسماء التي تستحق فعلا وليس قربا ولا صداقة ومعرفة.

هدف إستراتيجي

وأكد الدكتور باسم فلمبان أن المشاركات الخارجية الرسمية في مجال الفنون البصرية هي آخر المخرجات التي تحقق الهدف الاستراتيجي لرؤية المملكة في تنمية المساهمة السعودية في الفنون والثقافة، لإبراز مدى التطور الثقافي والحضاري لكيان عظيم وتاريخي، ولشعب يتميز بالرقي وينعم بالرفاهية ويحس بالجمال ويقدره ويختاره سلوكًا ونظامًا في الحياة.

ولتحقيق ذلك وضعت الخطط الاستراتيجية لتشجيع الفنانين السعوديين وتنميتهم وإكسابهم الخبرات المتقدمة وإتاحة الفرص لهم للاحتكاك بنظرائهم عالميًا، ومشاركة العالم الحس والشعور الجمالي والإنجاز الفني السعودي بمختلف مدارسه وإبداعاته. ولذلك فلابد أن نضع في الاعتبار أن المشاركات الخارجية الرسمية هي أحد صور الواجبات الوطنية التي لا تقبل المجاملات، ولا تصفح عن الهفوات والتنازلات لأي سبب كان. وبما أن الفنان يعبر عن مشاعره في إنتاج أعماله الفنية، فهو يسعى إلى مشاركة هذه المشاعر والأحاسيس الفنية مع غيره ومع الجمهور.

صورة مشرفة

وأضاف الفنان محمد الخبتي: مما لا شك فيه أن الثقافة والفنون هي مقياس رقي وانعكاس ثقافة وصورة مشرفة لأي بلد كمنظومة متكاملة ومتجاوزة، وبلدنا العزيز يزخر بنخبة فنانين تشكيليين يقارعون على مستوى عال ومتميزين بجميع طرائق ومناهج الفن سواء المخضرمين او الجيل المتطلع لكل ما هو جديد، ومنذ زمن يتم ترشيح أعمال تشكيلية سعودية للعروض الخارجية، وتحديدا من قبل الجهات الرسمية، ولكن للأسف وبمرارة أقول تأتي دائما مخيبة للآمال والتطلعات.

إقصاء واستحواذ

ويضيف الفنان أحمد فلمبان قائلا: من وجهة نظري ليس هناك إقصاء أو استحواذ، المشكلة أن جميع المعارض والفعاليات التي تقام هشة ونمطية ومدرسية ولا ترضي جميع الأطراف، فالكبار يهمهم الفعاليات التي تضيف لهم وتتوافق مع مسيرتهم، والشباب يبحثون عن الفائدة التي تحقق آمالهم وأمانيهم للولوج إلى عالم الفن والشهرة، ولذلك تقام الفعاليات دون معايير ودون المستوى المأمول ولا احترام للمهتمين بالفن، وهدفها تنفيذ البرامج وتفعيل البنود والصخب الإعلامي. وقد يكون معرض (فن البلد) من الفعاليات المهمة الجيدة، وخطوة نحو الطريق السليم، كما كانت معارض الرئاسة العامة لرعاية الشباب والخطوط السعودية ووزارة الخارجية وغيرها من الفعاليات التي أفرزت نجوما وأينعت التشكيل السعودي.

حالة ترقب

وعلق رئيس جمعية التشكيليين السابق والناقد محمد المنيف قائلا: الواقع الحالي الذي تمر به الفنون التشكيلية يعد حالة ترقب وتوجس لما يمكن أن يتم حيال الكثير من البعثرة، وضياع بوصلته، واختلاط المسارات، وتعدد الجهات والمؤسسات والصالات التي تدير هذا الفن دون معايير أو سبل تضمن لكل جيل حقه، فغلبت العلاقات على العمل المؤسسي الوطني الذي يحب أن يكون عليه الفن والفنانين والأجيال فتسيد جيل الهواة ووجدوا بيئة تهيئ لهم الحضور، فولد فن مشوه يقوده فئة من التشكيليين والتشكيليات الذين يتم بهم ملء الفراغ في فعاليات لا علاقة لها بالفنون التشكيلية بأعمال لهواة جذبتهم السهرة وتصفيق من غير المختصين..

هذا الانفلات الذي يفتقر إلى التنظيم والتصنيف فتح باب التكتلات على مصراعيه لأصحاب استغلال الواقع الذي يفتقر إلى المعايير في كيفية اختيار العمل الفني الناضج والمتكامل أو المنبئ بموهبة تستحق التشجيع.

التجربة التشكيلية

الناقد على ناجع أوضح أن المشاركات معروف أنها تتم من خارج بنية التجربة التشكيلية، وأنه يجري انتقاء فنانين تتطابق بعض منتجاتهم مع المتطلبات التجريبية للبيناليات- وهي معارض تجريب تعرض تجارب معاصرة متعلقة بالتوجه المفاهيمي- والحقيقة أن كل الأعمال المشتركة في البيناليات تعرض من واقع الممارسة التشكيلية، ويجري انتقال الأعمال للجان خبرة ومسابقات وبشكل عام تدخل ما عدا في ممارستنا التشكيلية حيث مارس هذا الانتقاء المزاجية وكيل وزارة سابق قبل هذا، وقد استمر الحال وتوقفت بعض المؤسسات التي يفترض أنها جاءت لتفعيل التجريب، وإذكاء نير الممارسة التجريبية، والارتقاء بمفهوم الممارسة ببعديها النظري النقدي، والإنتاجية للنصوص، فإذا بها تستمر وتمتد في ما فعله وكيل الوزارة السابق بعد أن اعتبرنا بعض هذه المؤسسات الحصان الذهبي، لكن استلاب بعض الفنانين الفقراء مفهوميا واختراقهم لهذه المؤسسات التي يفترض تجاوزها المألوف هو الذي حد من التوجه التغييري لهذه المؤسسات، ولهذا لا تستغرب ما يحدث في الممارسة التشكيلية الآن.

تجاهل واضح

وقال الفنان يوسف إبراهيم: نعم هناك تجاهل لكثير من الفنانين الذين وضعوا لأنفسهم بصمة في عالم الفن الحقيقي، وربما عدم المعرفة بهم أو التعتيم من قبل البعض الذي يدعي المعرفة ويتلبس ثوب الريادة أو النقد لأسبابه الخاصة، وأحيانا لا توجد لديه أسباب إلا جهلا منه فينطق وينظر بما لا يفقه. وهذا كان له تأثير سلبي جدا في تقدم الحركة التشكيلية والإبداعية في حين تطورت الساحات المجاورة وأعتقد لكثرة هذه الشريحة لجأت المجموعة الواعية إلا ما ندر إلى التنحي والانتظار أملا في تلاشي فقاعات المدعين وأشباه النقاد والمنظرين الجهلة.

قفزات تشكيلية

رئيس جمعية التشكييلين بجدة سابقا الفنان نهار مرزوق يقول إن الحرص على الفنون التشكيلية بأنواعها دلالة تطور الشعوب وما نراه مؤخرا من قفزات تشكيلية وثقافية في وزارة الثقافة والجمعيات التي تخدم الفن التشكيلي بأنواعه قفزات مذهلة، فنجد مشاركات دولية وملتقيات محلية ومزادات ومشاركات في منصات خليجية وعربية يؤكد على سعي المملكة لخلق حالة فنية مواكبة للفنون في العالم في ظل الرؤية الحديثة التي تسعى مملكتنا لتواجدنا في كل المحافل المهمة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store