* أقدار الله ماضية، والخلق معها بين راضٍ وساخط، تمضي بنا الحياة، والاختبارات تتوالى، وردود الأفعال تتباين، والموفق من ألهم عند الفاجعة (إنا لله وإنا إليه راجعون).
* يوم دراسي، كان آخر يوم في حياة معتز -رحمه الله- يوم لقاء وداعه -بإذن الله- في جنة عرضها السموات والأرض، رحل معتز، وترك خلفه تساؤلات ضجت بها القنوات: عن زميله ومصيره، والمدرسة وما سوف يتخذ في شأنها من إجراءات، فالقضية نفس أزهقت، وفاجعة ألقت بظلالها على البعيد عنها فكيف بمن عايشها؟
* إلا أن الأمور في بيت والد معتز (خويتم الحارثي) كانت تنحى منحى آخر، حيث (الفرج) الذي أحال كل التساؤلات إلى فرح عارم بموقف أب شهم، وعفو يُضاف إلى قائمة رجال صنعوا مواقف خالدة، رغم المصاب الجلل، والفقد المؤلم، والوالدان اللذان وضعا في معتز أمل الغد بوجهه المشرق، ولحظات من الحزن المطبق حيث لا مجيب لنداء (تعال يا معتز)!
* تقدم والد معتز بثبات الموفق؛ ليطلق عفوه عن الطفل الجاني، الذي أُذن له بهذا العفو بولادة جديدة، وحياة أخرى خرجت من رحم درس قاس له ولأسرته، وموطن عبرة جدير بالتوقف والتأمل من الجميع، ومن تمام التوفيق أن (يُعلق) عفوه هذا بعفو آخر عن المدرسة إدارة ومعلمين.
* هنا لا مجال للتعبير بما يتواءم وعظمة هذا الموقف النبيل، فقد نقل والد معتز الجميع إلى حيث الإشادة، وضرب بذلك أروع الأمثلة، التي تترسم خطى هديه صلى الله عليه وسلم (اذهبوا فأنتم الطلقاء)، فماذا عساني أن أقول أمام موقف عظيم من أب شهم كريم؟
* وإن من المهم ألا نُغفل درسًا هامًا تمخض عن هذه الفاجعة المؤلمة والموقف النبيل، حيث ضرورة العمل باجتهاد الحريص على تربية الأبناء، وعدم تجاهل أننا في عصر صعَّب تلك المهمة على كثير من الآباء، في ظل اختطاف وسائل التواصل الحديثة، وما يُقدم فيها من برامج وألعاب، أسهمت بشكل كبير في بناء شخصيات عدائية لدى الأبناء.
* وعن الموقف النبيل لوالد معتز خويتم الحارثي، فإنني أعترف أنه أكبر من قدرات حرفي، سائلاً الله أن يجعل عفوه علواً له في الدنيا والآخرة، وأن يجبر مصابه، ويحسن عزاءه، مع التأكيد على حاجتنا إلى أن نُسهم في إبراز هذه المواقف المشرقة، حيث لا أجمل من مواقف تصنع الرجال إلا رجال يصنعون المواقف، كما هو صنيع خويتم، وعلمي وسلامتكم.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
