* رأيك الشّخصي في قضية عامة حسّاسة، يستدعي أن يكون رأياً مُطّلعا، أي نتيجة تفكّر واطلاع وتأمّل وقراءة واستطلاع واستنتاج، وهو بعد ذلك يظل رأياً شخصياً غيرَ مُحايدٍ في الغالب.
* كثيرون نشأوا على أسلوب التسلّط الفكري والخضوع للرأي الأوحد دون نقاشٍ أو تفكير، فكان من المتوقّع انتشارُ وضعٍ ثقافي وفكري مُضطرب وبخاصة في وسائل التواصل الاجتماعي، يُنافح فيه أكثرهم عن الرأي الأوحد والتشدّد فيه، ويسفّهون الرأيَ الآخر، في ظلّ اختلال المفاهيم واضطراب القيم.
* يتميّز كثير من الحُكماء والمُفكّرين والعُقلاء بالتواضع، وأغلبهم مُتردّدون، يميلون إلى الظن والشكّ وتغليبِ الآراء دون قطعٍ أو فصل، والحقيقة لديهم نسبية مُتغيّرة، وهذا ما يجعل أكثرهم أقلّ ضجيجاً من الأغبياء والحمقى والبُلهاء، الواثقين بأنفسهم وآرائهم ثقة خالصة.
* في مُحاولاته للتحرّر من الوِصاية الفكرية، يحتاج الإنسان أن يقرأ لمن قد يُخالفونَه الرأي والمُعتقد والثقافة، ولا يكتفي بالاطلاعِ على آراء من يُوافقون توجّهاته الفكرية والثقافية فحسْب.
* يُمكن غربلةُ الآراء بمناقشتها بتجرّد وشفافية وتواضع، فكلُّ رأي ومُعتقد يتم تفحّصه ومناقشته، يبدأ بالضّعف وقد لا ينجو من التشكيك والرّفض، لذلك يُحاول بعض المؤدلَجين إبعاد آرائهم عن دائرةِ النقاش والنّقد قدر المُستطاع.
* رأيُك الشخصي مُجرّد انطباعٍ ذاتي قد يقتربُ من الحقيقة، لكنه حتماً ليس الحقيقة المُجرّدة، وهو قابلٌ للأخذ والرّد والقبول والرفض، كما أن احترام حقّك في إبداء رأيك، مُختلفٌ عن احترام رأيك نفسه، ففي بعض الأحيان، قد يكونُ رأيك غير مُحترم!.
* العدوى النّفسية تتسبّبُ في هيستيريا جماعية، وهي من أهم أسباب التّسليم الجمْعي بكثيرٍ من الآراء والأفكارِ والسُّلوك والمُعتقدات، فمن السّذاجة أن يظنّ أحدهم أنه مُحايد بالضرورة أو مُحقّ شرطاً، بل هو في الغالب واقعٌ في أسرِ نفسه ومُجتمعه.
* يقول الطبيبُ والمؤرّخ الفرنسي «غوستاف لوبون»: «إنّ من النادر أن يختار الإنسانُ يقينَه كما يشاء، فالمُحيطُ هو الذي يفرضُ عليه هذا اليقين، وهو يتبع تقلّباته، وفي هذا سرُّ تغيّر الآراء والمُعتقدات لدى كلّ زُمرة اجتماعية».. أما الفيلسوفُ وعالم المنطق البريطاني «برتراند راسل» فيقول: «لستُ مُستعداً للموتِ في سبيلِ أفكاري.. فقد أكونُ مُخطئاً»!!.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
