Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. بكري معتوق عساس

وجدت إسلاماً ولم أجد مسلمين!

بانوراما

A A
المقولة المشهورة للإمام الأزهري الشيخ محمد عبده عندما ذهب لمؤتمر باريس عام 1881 م، ثم انتهي المؤتمر وعاد الى بلده مصر فقال قولته المشهورة:»ذهبت للغرب فوجدت إسلاماً ولم أجد مسلمين ولما عدت للشرق وجدت مسلمين ولكن لم أجد إسلاماً». هذه المقولة تحكي رؤية شيخ أزهري ريفي للحضارة الغربية، مصري خام، عبر البحر الأبيض المتوسط الى فرنسا وإلى باريس بالتحديد وألقى نظرة على ما رأى ثم شهق مدهوشاً ولا تزال شهقته بالانبهار تعيد أصداءها حتى الآن بعد مضي أكثر من مائة وثلاثين عاماً على صوتها الأصلي. انبهر الإمام بما رآه من نهضة وتنمية وحضارة، والتي تعني أنه وجد الإسلام ووجد المبادئ والقيم والمثل العليا، وكلها في حقيقة الأمر صفات يحثنا ويطالبنا بها الإسلام، لقد وجد أمانةً وإتقاناً وإخلاصاً، وحُسَن تعامل ومكارمَ للأخلاق وكلها سمات يأمرنا بها ديننا الحنيف وبُعِثَ بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي ورد عنه أنه قال: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، وقد أقول -وهذا اجتهاد شخصي- إن الشيخ توقع أن تنهض أوروبا وتسبق دول المشرق العربي والإسلامي لأنهم يطبقون مبادئ وخلق الإسلام دون أن يعتنقوه. يعد الإمام محمد عبده واحداً من أبرز المجددين في الفقه الإسلامي في العصر الحديث وصفه الكاتب الكبير محمود عباس العقاد «بعبقري التنوير»، ووصفه الكاتب السيد يوسف «برائد الاجتهاد والتجديد للفكر الديني»، ووصفه آخرون بإمام المجددين. وعندما توفي الإمام محمد عبده في العام 1902م كان الخبر صادماً لكل عشاق التنوير والحضارة وتجديد الفكر، وقد رثاه شاعر النيل حافظ إبراهيم قائلاً:

بكى الشرق فارتجَّت له الأرض رجة

ضاقت عيون الكون بالعبرات

ففي الهند محزون وفي اليمن جازع

وفي مصر باكٍ دائم الحسرات

وفي الشام مفجوع وفي الفرس نادب

وفي تونس ما شئت من زفرات

بكى عالم الإسلام عالم عصره

سراج الدجي هادم الشبهات

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store