Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد بشير كردي

أثر العلم في بناء الأمم

A A
في الأثر عن رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام قوله: الْفِتْنَةُ نَائِمَةٌ لَعَنَ اللهُ منْ أَيْقَظَهَا.. ونحن نرى اليوم دُعاة التفرقة المذهبيَّة والطائفيَّة والحقد والحسد يُوقدون نيران الفتن بين العرب والمسلمين بنشر سمومهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي باختلاقهم أخبارًا وقصصًا لا أساس لها من الصحَّة، وبتزوير تاريخ أمَّتينا العربيَّة والإسلاميَّة بقصد التشكيك بسير الصحابة والقادة الأوائل الذين تركوا بصماتهم في الفتوحات الإسلاميَّة.

أقاموا والأعداء مئات القنوات الفضائيَّة لغسل أدمغة مشاهديها، وحشوها بأفكار وصور ضارَّة بتماسك الأمَّة وحفاظها على وحدتها وقيمها ومكارم أخلاق عقيدتها، غالبيَّة هذه القنوات، تنطلق من بلدان مزَّقتها الحروب والاقتتال الطائفي.. تموّلها أنظمة حُكم مارقة على حساب لقمة عيش مواطنيها، وإيجاد فرص حياة كريمة لملايين العاطلين عن العمل من أبنائها، وبدعم ومؤازرة دول كبرى تتحكَّم اليوم باقتصاد العالم وثروات شعوبه، وبمرجعيَّات مذهبيَّة حاقدة على العقيدة الإسلاميَّة التي أطاحت بإيوان كسرى الفرس وعرش هرقل الروم في السنوات الأولى من انبثاق نور الحقِّ الذي أضاء العالم بعدله، وحرَّر الشعوب من الطغاة والمشعوذين. يُشرفون على هذه الحملات المُغرِضَة باستغلال تقنية المعلومات ووسائل التواصل الاجتماعي لتحقيق الفرقة والانقسام والاقتتال بين أطياف المجتمع الواحد الذي بقي متماسكًا ومتعايشًا مع الأطياف العرقيَّة والدينيَّة كافَّة.

هذه الحملات المغرضة هي الوجه الجديد للحروب الناعمة التي يُخطِّط لها الكبار، ويكتوي بنيرانها الآخرون. وليس من سبيل للتغلُّب على هذا النمط من الحروب إلَّا باستثمار مواردنا البشريَّة وثرواتنا الطبيعيَّة في مجالات العلم والتعلُّم، حتَّى ممَّن تقدَّموا علينا في مجالات تقنية المعلومات، ومشاركة علمائهم في بحوثهم ودراساتهم.. وهذا عين ما سبق لليابان أن انتهجته سبيلًا بعد انهزامها في الحرب العالميَّة الثانية. فقد وجَّهت طُلَّابها ومدرِّسيها للدراسة في المعاهد الغربيَّة والجامعات حتَّى في الدولة التي ضربتهم بالقنبلتين الذرِّيتين، ومنافسة طلبتهم في التحصيل العلمي، ممَّا مكَّن اليابان في سنواتٍ قليلة من التفوُّق على أعداء الأمس، وشركاء اليوم في العلم والمعرفة.

طلب العلم والتعلُّم من الأعداء ليس بالجديد، فرسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام، كما يُروى، فادى بعض أسرى بدر من كفَّار قريش بتعليمهم عدداً من صبيان المدينة المنوَّرة القراءة والكتابة. ولنا في رسولنا الكريم أسوة حسنة. وليس «اطلبوا العلم ولو في الصين»، بغائبة عن الفكر، ونحن نستظهر ما للعلم من قوَّةٍ وجدوى في بناء الأمم والدول. وهكذا يُصبح طلب العلم فرض عَين عَلى المسلم، لا فرض كفاية على طائفةٍ منهم دون سواهم. وهذا ما نراه مُحقَّقًا في مملكتنا بإذن الله.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store