Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

وقوف على أطلال وادي العقيق

سامح الله د.

A A

سامح الله د. حمزة المزيني فقد كانت صورة وادي العقيق في ذهني هي الصورة التي قرأتها في كتب التاريخ والسير، وتذوقتها في شعر الشعراء، وعشت شيئاً منها في نزهاتي سابقاً على ضفافه، ولكن كل ذلك قد أعقبته حسرة، بعد زيارة له، تلتها زفرة حَرَّى.في أيام انعقاد مؤتمر خدمة المملكة للقضايا الإسلامية الذي نظمته الجامعة الإسلامية طلب ثلة من الزملاء هم الدكاترة: بدر كريم، وحمزة المزيني وعبدالله العسكر وصالح بن سبعان أن نقوم بجولة على معالم وآثار المدينة المنورة، وزرنا عدة أماكن، أجبرنا د. حمزة أن نختمها بزيارة وادي العقيق، وليتنا لم نفعل، فقد سبقت الزيارة تطلعات وشوق لهذا الوادي الذي تغنى به الشعراء، وأفرده مؤلفون بكتب عدا ما كتب عنه في كتب السيرة والتاريخ العام، وقبل ذلك ما ورد عنه من أحاديث نبوية شريفة.سرنا مع الوادي حتى بلغنا مسجد الميقات وطفنا بالوادي من الجنوب والشمال، مما بين بئرة عُرْوَة وآبار علي، نظرنا إلى وسطه وما حوله، فلم نجد فيه بطحاء آسرة، ولا مناظر خلابة، بل ملأته بقايا الهدميات والنفايات، وكنا نظن أننا سنجلس على رماله دون أن يمس ملابسنا غبار، كنا نتوقع أننا سنجد حوله المقاهي التي كانت منتزهات وأماكن أنس في مساءات الأيام ولياليها، ولكن كل ذلك لا وجود له، وكأننا نحس أنها تشكو جور الزمان الذي حوّلها من مراتع أنس وملتقى سمّار إلى أطلال تبكي محبيها وتستبكيهم.كنا نتوقع أننا سنجده كما وصفه محمد كبريت في كتابه: «الجواهر الثمينة في محاسن المدينة»، «وأما سيل العقيق فإنه أعظم سيول المدينة وأحلاها، وأجملها وأجلاها.. وبالجملة فإنه إذا سال بالسلسال واديه، وتعطّر بأزهار بساتينه ناديه، هُرعت وجوه الناس إليه، وعوَّلت في صفاء الوقت وترادف المسرات عليه، فتضرب حوله الخيام، ولاسيما إذا تحجَّبت الشمس بالغمام، فترى الناس حوله ينتهزون فرصة اللذات، وينتهبون أوقات المسرّات».صار العقيق كبِرْكَة قاسم المحلّي (شيخ خدَّام الحرم) التي كانت إحدى حدائق العقيق «مَقِيلاً للأعيان ومنتزهاً لمن تناءت بهم الأوطان، فدارت بها الليالي حتى صارت كالرسم الخالي».ما خفف الصورة المحزنة لوادي العقيق عصامية حمزة المزيني وزملائه الذين كانوا يقطنون في بيوتهم في العقيق مما يلي آبار علي ويسيرون صباح كل يوم مشياً على الأقدام إلى ثانوية طيبة في باب العنبرية، ويعودون مساء مع الطريق نفسه، وهو ما يعادل عشرة أكيال ذهاباً ومثلها عودة، إنهم ينحدرون مع وادي العقيق ثم يصعدون بجوار بئر عروة ثم ينحدرون من الدائري الآن إلى ما بعد سكة الحديد، أو تاريخياً يقطعون العقيق ثم حَاجِرا (من الدائري إلى العنبرية) حتى يصلوا طيبة الثانوية في النَّقَا (العنبرية)، رحلة في طلب العلم، يوم لم يكن يوجد سائق أجنبي، وهذه العصامية العلمية تاريخ، وأكثر طلاب ذلك الزمان كانوا كذلك:هكذا هكذا، وإلّا فَلَا، لَاطرق الجدّ غير طرق المزاحِوادي العقيق واحد من آثار المدينة وهو بحاجة إلى عودة إلى ماضيه المشرق وإزالة ما قذف فيه من نفايات، فهل سنرى المقاهي الحديثة، والحدائق الجميلة على ساحليه؟ وهل سيزال ما ألقي فيه، إنه أمل:ولقد أتيتُ إلى العقيق فشاقَنيعينٌ بها روضُ النعيم منعَّمُفلأجلها، من أهلها، أنا مكرَمولأجل عين ألفُ عينٍ تُكرم

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store