Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

لا تحلم ولا تصدق الأحلام!!

A A
هناك مدرسة فلسفية غير واقعية في تطوير الذات تطلب من الإنسان يحلم ما شاء له أن يحلم لكي يحقق النجاح في الحياة.. يقولون للشباب: أحلم أنك ستصبح وزيرًا أو مليونيرًا أو مخترعًا ويدخلون الشباب في أحلام لها أول مالها آخر إلى درجة أنه يمكن أن يحلم أن يطير بلا أجنحة كسوبر مان تمامًا مع العلم أنه بعيد في حلمه عن واقعه بعد السماء عن الأرض، ولكم أن تتخيلوا كم سنة ضوئية يحتاج حتى يصل إلى تحقيق حلمه.

هذا النوع من الأحلام يذكرني بما عليه حال بعض المدعين للكرامات، الذين يعيّشون من حولهم ومريديهم على أوهام ليس لها رصيد من الواقع وإلى حد بعيد تذكر ببطولات كاذبة يسردها الممثل الشعبي ناصر القصبي على عبدالله السدحان من أنه يستطيع من خلال بندقيته أن يخرق خزان الوقود للطائرة، وهي في الجو وينزل كمية من الوقود كي يستخدمه لسيارته ثم يقفل الفتحة، التي نزل منها الوقود بعلك (لبانة) يرسلها من بندقيته.

أن الأحلام والتوسع في الأحلام لا يحقق نجاحًا في الحياة أبدًا، إنما الصحيح هو وضع أهداف مرحلية قريبة المدى وبعيدة المدى وقياس ما يتحقق منها بعد كل فترة وعليه فإن المبالغة في طلب الأحلام من الشباب لتحقيق النجاح في الحياة هو إغراق لهم في الأوهام وخيبة أمل لهم في الواقع، مما يتسبب عنه الإحباط وترك ليس الأحلام فقط إنما الواقع كذلك.

إن المخرج لتنشيط الذات والحماس للوصول إلى أعلى المراتب وتحقيق الأمنيات هو التخطيط السليم والتدرج والنضج والصبر والقناعة بما كتب الله فلا ينبغي أن نطلب من الشباب والشابات ألا يقتنعوا بما كتب لهم.. ان الجدية في العمل والأداء المتميز هو الحلم الذي يجب أن نعلمه الشباب والشابات مع برنامج للطموح وشحذ الذات ودورات تحث على ذلك بعيدًا عن فكرة أحلام اليقظة الخيالية التي بينها وبين تحقيقها سنوات ضوئية.

أما النقطة الثانية التي أود توضيحها فهي أيضًا عن الأحلام، لكن أحلام النوم وقد أشرت إليها في كتابي، الذي نشره مركز النشر العلمي في جامعة الملك عبدالعزيز تحت عنوان «أضواء علمية»، حيث إن ٩٩% من أحلام النوم إما من الشيطان أو من الارتدادات العصبية أي من النفس، وهذه وتلك لا تصدقها وانفث عن يسارك وانسها ولا تفكر فيها ولا تحكيها لأحد اتباعًا للسنة النبوية، حتى لو أن هناك جزء من مليون من بعض الأحلام يكون له معنى فإن تفسير الأحلام يدخلك في دوامة على عكس ما كنت تظنه من توقع وترجوه من أمر.. فلا تحلم أحلام يقظة تكون نهايتها خيبة أمل ولا تصدق أحلام النوم إذا أردت أن تعيش بعيدًا عن الأوهام والقلق.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store