Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد بشير كردي

وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها

A A
تتجلَّى حِكمةُ الخالق لِمَن أنعم الله عليهم ببصرٍ وبصيرة في محكم آياته إيجازًا وإعجازًا في الدنيا والآخرة. وبنعمة العقل التي منَّ بها على خلقه كافَّة، ولا أجمل ولا أروع من: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ الَّليْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأْرَضْ رَّبَنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبُحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.

ومن أجمل آيات الخالق هذه الكرة الأرضيَّة التي نعيش فوقها، وقد زيَّن سماءها بالشمس والقمر والنجوم والكواكب. وكساها بكلِّ ما هو جميل وممتع من طبيعة جذَّابة بجنَّاتها وجبالها وسهولها وأنهارها وبحيراتها وأرضها المعطاءة، ملبيَّة احتياجات المخلوقات كافَّة، من طعامٍ وشراب وكساء ومأوى، ومن مخلوقات بحريَّة تتجوَّل بين مئات آلاف النباتات والشجيرات البحريَّة.

لكلِّ هذا التنوُع، علينا أن نتذوَّق الجمال، ونعبد مُبدعه. فالله جلَّ وعلا جميل يُحبُّ الجمال، ويحبُّ مَن يحافظ على جمال خَلقه وخُلُقه، ويحرص على الأخذ بمكارم الأخلاق التي بعث الله رسولنا الكريم لإتمامها؛ ومنها الصدق في القول، والإخلاص في العمل، واتِّباع قواعد النظافة في كلِّ مرافق حياتنا من نظافة المسكن والحيِّ والمدينة، وكذا نظافة اللسان والبدن، وأخذ الزينة في ملبسنا داخل بيوتنا وخارجها، وعند توجُّهنا إلى المساجد للصلاة خاصَّة، امتثالًا لقوله تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾، كما علينا مراعاة الذوق العام في ملبسنا ومطعمنا وشرابنا.. وأن نعطي البيئة ما تستحقُّه من صيانة، بإصلاح ما تعرَّضت له من عاديات الزمن، ونحفظ ما فوقها من نباتات وأشجار وحيوانات كيلا تتعرَّض للضياع والانقراض. ولا يقلُّ عنها الاهتمام بالفنون الجميلة من رسمٍ ونحت وموسيقى وتراث شعبي، وتطوير هذه الفنون بما يزيدها رونقًا وجمالًا يجذب الأنظار، ويشيع البهجة والسرور. ولا يفوتنا التنويه بضرورة إعطاء مناهج التعليم في مراحل الدراسة الابتدائيَّة والمتوسِّطة والثانويَّة نصيبًا وافيًا من حصص الفنون الجميلة لاكتشاف المواهب عند الناشئة، وتنميتها لإثراء الثقافة والمعرفة. واغتنام المناسبات الأسريَّة والاجتماعيَّة والوطنيَّة والدينيَّة لإقامة الحفلات والمهرجانات بما لا يتعارض مع مكارم الأخلاق، استجابة للتوجيه النبويَّ الشريف: «رَوِّحوا عَن أنْفسِكم ساعةً بعدَ ساعةٍ فَإِنَّ القُلُوبَ إذَا كلَّتْ عَمِيَتْ». ومَن منَّا لا يحنُّ إلى أيَّام طفولته وصباه، وانتظارِه عيديِّ الفِطرِ والأَضحى بفارغ الصبر! لارتداءِ كسوة العيد الجديدة، وتوقُّعًا لإكراميَّات الأهل والأقرباء النقديَّة من أجل الخروج إلى الساحات العامَّة، حيث الألعاب الموسميَّة، والحلويات وجلسات الإنشاد والطرب، طقوس فرحْ ومراسم انبساط، كانت ثمَّ قيِّدت لعشرات السنين من باب سدِّ الذرائع، وعادت أخيرًا بفضل رؤية 2030 التي تعمل على إلحاق بلدنا بركب الدول التي سبقتنا في التطوُّر لحياة أفضل لمواطنيها.. حياة تجمع بين الـBP، ولا أقصد بهذا الرمز التجاري شركة البترول البريطانيَّة، وإنَّما الأعمال مع الترفيه BUSINESS WITH PLEASURE، وهو ما نجده شائعًا في العديد من بلدان العالم، ومنها إسبانيا حاليًّا، وفي لبنان سابقًا، قبل تسلُّط عملاء الصفويِّين الإيرانيِّين على الساحة اللبنانيَّة لتخريب العالم الإسلامي خدمةً للفارسيِّين الجُدد في إيران.

هذه البلاد، كانت قبل الحكم الصفوي مركزا مشرقا للعلوم والآداب والفنون الجميلة، فأنجبت العديد من العلماء والأدباء والشعراء وأهل الفن والطرب. وما يزال شدو أم كلثوم بقصيدة رباعيات الخيام للشاعر عمر الخيام -شيعي المذهب- تتقدم على العديد من عطائها الغنائي المتميز. ونأمل بأن تعود لشعوب القارة الآسيوية بما فيهم الإيرانيون ما كانوا عليه في سابق الزمان من اعتدال، يساهم في تمتين الروابط الإنسانية بين الأمم والشعوب كافة على تعدد أعراقهم وانتماءاتهم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store