Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. أيمن بدر كريّم

كلام فـي الـفساد الإداري

A A
يُعتبـرُ التنمّر والتعنيفُ الوظيفي ضدّ الـموظّف، من أهمّ صورِ الفساد الإداري انتشارا التـي تتسبب فـي زيادة إصابته بأمراض القلب بنسبة (59%) والـجلطات الـمخيّة بنسبة (36%). وتُشيـر الـمُستشارة الإدارية (لولي داسكال) إلـى أنّ كثيـرًا من الـموظّفيـن يتـركون وظائفهم بسبب الـمدير نفسه، كما يُـظهر تقريرٌ لـجمعية علم النفس الأمريكية أن (75%) من العُمّال الأمريكييـن يُقـرُّون بأنّ مديريهم السّبب الأكبـر في فرط توتّرهم، فيضطرّهم ذلك إلـى الاستقالة.

من الواضحِ أن كثيـرًا من الإجراءات والأنظمة الإدارية في كثيـرٍ من الـمؤسسات، تـهدف بصورٍ شتـّى لتعقيد أوضاع الـموظفيـن والـمُماطلة في حقوقهم، والتحكّم في مُقدّراتـهم؛ من إداراتٍ مولَعة بـحبّ التسلّط، كما أنّ هناك إشارات علمية متواترة، تُفيد بارتباط الشّخصية القِيادية في كثيرٍ من الإداراتِ التنفيذية، بالشخصية النّرجسية وملامحِ جنون العظَمة وإساءة استخدام السُّلط، نظرًا لفرط الأنانية والأثَرة، والإعجاب الـمرَضي بالنفس.

أما انتشار «كيد النساء» في بيئة العمل، فمِن صور الفساد الإداري الفاخر، بالتنافس غيـر الشريف وحدِّ السيدة العاملة لوصيفتها من تقدّمها الوظيفي، مـما حدا ببعض النّساء تفضيل التعاملِ مع الإدارات الرّجالية أو العمل في بيئة إداريةٍ مُـختلطة، لتجاوز تلك الـمُعضلة. أما تداخل العلاقات النسائية الاجتماعية في العمل، وإقحام الـمُشكلات الشخصية بيـن فريق العمل وفي خطوات الـمعاملات وتوزيع الـمهام والإشراف، فيتسبّب في نوع مـميّز من الفساد الإداري قد يُطلق عليه مُسمّى «العدائية النسائية».

أقتـرح اعتماد نظام تقييمٍ خاص بتقييم الـمديرين والـمسؤوليـن من قبل الـموظفيـن أيضًا، على أن يكون بشكلٍ سري ودوري كل (6) أشهر مثلاً، ويؤخذ به للنظر في استمرار الـمدير والـمسؤول في منصبه ومكافأته، أو محاسبته واستبداله بغيـره. وعمومًا، فإن من الـحِكمة والعقل، أن يُـحاول الإنسانُ -قدر الإمكان- تـجنّب تولّـي الـمناصب الإدارية ويبتعدَ عن تسييـر شؤون الناس، فهو إلـى ظُلمهم أقربُ من إنصافهم، ومن دعائهم عليهِ أقرب من دعائهم له. فقد جاء في حديثٍ شريفٍ أخرجه مُسلم: «قال أبوذرّ رضي الله عنه: يا رسولَ الله: ألا تستعْملنـي؟.. فضَرب بيدهِ على مَنكِبـي ثـمّ قال: يا أبا ذر: إنّك ضعيفٌ، وإنـّها أمانةٌ وإنـّها يوم القيامةِ خزيٌ وندامةٌ، إلّا من أخَذها بـِحقّها، وأدّى الذي عليهِ فيها».

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store