Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
واسيني الأعرج

جرائم الحب.. ابنة فكتور هوجو أديل ومأساتها

A A
هل الحب جريمة يقع أصحابها في منأى عن العقوبة؟ هل هي جوهر الإنسان وسبب وجوده؟ كيف يكون الإنسان وراء شيء كثيرًا ما ينتهي بالانتحار والألم والضغائن دون أن يتأمل الحالة ويفكر فيها؟ هل طمس الشيء يعني بالضرورة موته وانطفاءه؟ عندما نتأمل الحياة نرى كم أن القسوة كبيرة ومع ذلك يظل الإنسان يركض في رحلة العمر بحثًا عن ميناء هادئ يرتاح فيه أخيرًا مع من يحب داخل السكينة.

سعادة الحب دومًا قصيرًا وكثيرًا ما تخلف الخيبة والفقدان جرحًا لا يندمل أبدًا.. ماذا يجب أن يفعل الكائن لكي يظل الحب منارة الحياة وقوتها الدافعة؟ قصة محزنة تلك التي ألمت بعائلة فكتور هوجو.. بنتان كان مصيرهما صعبًا.. ليوبولدين ماتت غرقًا في السين، لحظة زواجها، بينما آديل انتهت بها تجربة حب فاشلة على الجنون.. عندما بلغت السن 33 اهتز قلبها للضابط العسكري البريطاني ألبير بينسون واقتنعت أنه يريد الزواج منها.. كان أول لقاء بينهما في مدينة جيرزاي حيث تقيم عائلة هوجو في منفاها الإنجليزي، بسبب مواقفه السياسية.. لكن، من سوء حظ آديل، فقد استدعي حبيبها العسكري ليلتحق بمعسكره في هاليفاكس، في كندا.. ثم إلى بارباد، مما جعل الشقة بين بينسون Pinson وآديل تتسع، فتبعته من أجل الزواج به، متخلية عن كل شيء، بما في ذلك والديها.. كانت هشاشتها كبيرة.. كان عمرها 13 سنة عندما غرقت أختها ليوبولدين مما تسبب بها في ارتباك نفسي كبير.. كانت ليوبولدين هي سندها الكبير في كل ما تريد فعله.. وكانت آديل، في لحظات عزلتها، تحادث أختها، وتطلب منها المساعدة.. ونظرًا لعدم تحملها المنفى، تقرر آديل العودة إلى باريس في 1858 للاستشفاء.

في أولى صفحات مذكراتها كتبت في 28 مارس 1852، تسع سنوات بعد حادثة وفاة أختها: أرانا في قبر واحد والناس يقولون بفخر، هنا بنتا فكتور هيجو العظيمتان.. في 20 ديسمبر 1861 تطلب آديل من والدها الموافقة على زواجها من الضابط بينسون: الرجل الذي حادثتك عنه يريد الزواج مني... يحبني.. هو ملكي إنجليزي يمثل الماضي.. يحب من؟ امرأة المستقبل، فرنسية، جمهورية.. لا يهم.. رفض كل شيء ورهانه الأوحد هو حبي.. حلمه أن يراني.. عندما وصلت فكتور هوجو رسالتها وافق على زواجهما.. لكن الاحتفالية لم تتم بسبب تنقلاته العسكرية.. في سنة 1863 قررت آديل أن تلتحق بأمها وبأخيها شارل في باريس، لكن في الواقع لم يكن ذلك إلا حيلة.. فقد ارتحلت نحو إنجلترا، ثم كندا بحثًا عن حبيبها.. أخبرت أهلها بأنها تزوجت ببينسون، وبعثت لهما إعلان الزواج المنشور في الصحافة في 17 سبتمبر 1863 حتى بدون إخبار زوجها «لقد تزوجت.. ما زلت تحت تأثير الحدث... وسط هذه السعادة يوجد منغص صغير.. سيضطر زوجي إلى السفر لمدة ثلاثة أسابيع بسبب انشغالاته العسكرية.. سأنتظره في هاليفاكس حتى عودته بالقرب مني».. وطلبت من أهلها أن يكتبوا مستقبلا على رسائلها السيدة بينسون.. لكن وضعها لم يتحسن، وشعرت بنفسها وحيدة فتوقفت تقريبًا عن الأكل.. في مارس 1870، بفضل تحرياته يتعرف على خبر زواج ألبير بينسون من كاترين إيديث.. أصيبت آديل بصدمة أودت بها على الجنون.. أعيدت إلى فرنسا وعمرها 42 سنة.. وفي 11 فبراير 1872 أدخلت نهائيًا إلى مستشفى الأمراض العقلية في سان- موندي.. ولم تخرج منه إلا ميتة في 22 أبريل 1915.. هل الحب في النهاية بكل هذا الشقاء؟ ألا يوجد قدر أجمل؟

تلك قصة أخرى لها وجهها الخفي والمظلم ولها نورها الذي يمنح الإنسان فرصة أن يحب الحياة ويلتصق بها بقوة بوصفها خشبة النجدة وسط بحر المصائر القلقة في زمن لا يمنح فرصًا كبيرة للتأمل خارج الاستهلاك السهل الذي يحول كل ما يلمسه إلى سلعة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store