Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

والمدينة خيرٌ لهم لو كانوا يعلمون

No Image

A A
ذهبتُ قبل مدة للمدينة المنورة وصليت العشاء في المسجد النبوي، وبعد الصلاة انتظرت لفتح باب الزيارة فأتت بجواري امرأة تجلس فوق كرسي متحرك كانت في مطلع الخمسينات من العمر وبجوارها ابنتها في العشرينات من عمرها، وبادرت بسؤالي: هل أنتِ من أهل المدينة؟ قلت لها: أنا من جدة وأتيت للزيارة. فقالت لي إنها لا تعرف المدينة، وهذه هي المرة الأولى التي تحضر فيها إلى المدينة، فقلت لها ربما لأنكم أتيتم من بلاد بعيدة، فبدأت تسرد لي قصتها وعرفتني بنفسها، فإذا هي من العوائل المرموقة التي تسكن في إحدى المدن المجاورة للمدينة المنورة، والتي يشار لها بالبنان، لم تترك دولة في العالم إلا وزارتها، وقبل سنتين حدث لهم حادث مروع فقدت بسببه إحدى قدميها وذهبت إلى أمريكا لتلقي العلاج، وبعد عودتها قررت أن تعتمر، ومن بعدها عادت مرة أخرى إلى موطنها فأشار عمال لهم يعملون في مصانعهم (بنجلاديشون وباكستانيون وهنود) أن يذهبوا معهم إلى المدينة المنورة شكرًا لله وحمدًا له على سلامتهم، وفعلا هم من رتبوا لهم كل شيء من حجز فنادق وتذاكر ومواصلات وعرفوهم عن فضل زيارة الرسول- صلى الله عليه وسلم- لأنهم يعرفون المدينة جيدًا ويقضون كل إجازة لهم فيها. وفِي نهاية كلامها قالت: تمنيت أن أدخل عند قبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- والروضة المشرفة وأنا واقفة بأقدامي لكني عرفته متأخرًا جزى الله عُمالنا خير الجزاء، لن أترك هذا المكان ما حييت وسأحضر أمي وأبي وإخوتي الذين لا يعرفون من المدينة المنورة إلا اسمها فقط. فقلت لها: الحمد لله الذي أكرمك بالزيارة، وأدخلك في مدينة الروح والريحان، ولن يدخل أحد منا الجنة إلا بشفاعة نبينا، ولن يسقى أحد إلا من يديه وحوضه، وودعتني بدموعها المليئة بالحسرة والندم على عمرها الذي مضى وهي في أرض الحرمين ولم تزور المدينه فتسآلت في نفسي ماهو السبب وراء حرمان أمثال هؤلاء الناس من معرفة المدينة أهو إعلامنا العربي المقصر في بث معالم المدينة المنورة وفضلها أم هي منابر مساجدنا أم ماذا أيضا؟
أي حرمان عاشه هؤلاء يجعل الإنسان يمر من عمره الخمسين والستين عامًا ولم يدخل إحدى الحرمين وهو في أرض الحرمين؟
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store