Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

جريمة فلوريدا «فردية»

A A
منذ أكثر من سبعين عامًا وهناك مبتعثون ومبتعثات إلى الولايات المتحدة الأمريكية والأعداد التي تم ابتعاثها تصل إلى عشرات الألوف في جميع التخصصات والمجالات، وهناك على هذا المدى الطويل من السنوات تعايش بين المبتعثين والمبتعثات وبين أفراد المجتمع الأمريكي، بل هناك صداقات ولقاءات وتفاهم وتناغم، لأن الشعب الأمريكي شعب محترم ويقدر معاني الإنسانية، ولأن من يبتعث من المملكة على دراية كاملة بالمعاني الإنسانية التي وصَّى بها الله وأمر بها الإسلام وطبقها سيد المرسلين محمد عليه السلام، فالنفس البشرية أياً كانت معصومة في ديننا لقوله تعالى (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً) وإن التعدي على النفس وقتلها يوجب سخط الله حتى أن نبي الرحمة عليه السلام ذات مرة رأى جنازة تعبر الطريق فقام لها ووقف، فقالوا يارسول الله إنها جنازة يهودي، فقال عليه السلام: أوليست نفس!

إن كل توجيهات الحكومة السعودية منذ عهد المؤسس إلى يومنا هذا هو تمتين العلاقات بين المملكة حكومة وشعبًا وبين الولايات المتحدة الأمريكية حكومة وشعبًا، لذلك كان إيفاد البعثات والتلاقي والصداقات، ومن أجل هذا صعق الشعب السعودي وقبله الحكومة السعودية من تصرف فردي شيطاني قام به من لا يحترم المواثيق ولا يوفي العهد حقه بعمل إجرامي فردي لا يقره عليه دين ولا عقل، وجاء الاستنكار على كل المستويات، فبأي حق يكون إزهاق الأنفس والتعدي على حياة الآخرين، وقد وضح ذلك خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان في اتصاله مع الرئيس ترامب بقوله: «إن الشعب السعودي غاضب بشدة من الأعمال الوحشية التي قام بها مُطلق النار وإن هذا الشخص لا يمثل بأي شكل من الأشكال مشاعر الشعب السعودي تجاه الشعب الأمريكي».

وكما قالت سفيرتنا في أمريكا الأميرة ريما بنت بندر «إن الشعب السعودي متَّحد في إدانته هذه الجريمة» وأضافت «نتضامن مع أصدقائنا الأمريكيين في هذه الأوقات الصعبة» فعلًا إن عملاً كهذا هو عمل وتصرف فردي منبوذ وعدواني بالدرجة الأولى وأياً كانت دوافعه فانه مما تدينه الأعراف والشعوب وقبل ذلك مما يرفضه الدين والعقل ولن يؤثر بإذن الله تعالى على العلاقات التاريخية الراسخة بين المملكة والولايات المتحدة الأمريكية وعلى استمرار التعاون العلمي والتعليمي في جميع المجالات والتي من ضمنها النواحي التقنية والعسكرية، والتضامن كل التضامن مع أهالي الضحايا الذين وقع عليهم القتل وتسبب عمل إجرامي فردي في النيل من ذويهم وأهليهم، فالتعازي لهم وللشعب الأمريكي ولكل من يقدر الأنفس التي خلقها الله سبحانه وتعالى وأمر جل في علاه بالمحافظة عليها وأن من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store