ثورة الياسمين.. استثمار واختلاطُ أوراق

عندما ترى إنسانيتك أُقْصيت خارج نطاقها، وعندما يكون القهر والاستبداد قوت يومك وطوق حريتك! وعندما يتم حصرك في زاوية معتمة يغلفها البؤس، وحين تختلط المفاهيم فيما بين الحق والحياة، والصبر والبطش الذي يغرس مخالبه في خلايا روحك ورزقك، وعندما ترى كل شيء حولك ينمو إلا أنت! وحين تكون حياتك على هذا المنوال.. الأيام هي الأيام والحال هو الحال بعضه يشبه بعض. ما حيلتك وأنت تعيش تلك الحالة؟ حتمًا يومًا ما ستنتفض لتحطم صخرة الظلم بمعول الإرادة لينتصر الحق وذلك ما فعله البوعزيزي.. بعد أن شقت الأصوات السماء والأرض مطالبة بحقوقها، وجابهها نظام تغافل وصمَّ أذنيه، ووأد الحقوق وخنق أنفاس الحرية، حينها يكون قد فات أوان الاعتذار ولم يعد للجدال أو التفاوض موقع، فأي حوار وأي تفاوض والقهر ممتد من المهد إلى اللحد..!! قال أحدهم وهو يبكي مشيرًا إلى الشعر الأبيض الذي غطى رأسه (لقد هرمنا حتى نحقق ما نراه اليوم). فهل نجرؤ بعد هذا القول أن نطلق صفة الشغب على ثورة انتصرت للكرامة والحرية. إن إرادة الشعوب في تقرير مصيرها حق مكفول لها وليس لنا إلا احترامه، كما أن إطلاق شعارات التأجيج تجعل هذه الحقوق تسير في منحى آخر قد يفقدها الكثير من المكاسب، في وقت يحتاج الكل فيه إلى الهدوء، إن تونس الآن تقف أمام فصل انتقالي مهم من تاريخها النضالي أدواته وظروفه تختلف كليًا، فقد تحققت إرادة الشعب كما خطط لها، وهذا يتطلب من الجميع التروي والحكمة في التعاطي مع هذا الحدث والنظر بعين ثاقبة تلافيًا لتصاعد تبعاته عربيًا وعالميًا، كي لا تختلط الأوراق ببعضها، ويكثر هنا وهناك الهرج والمرج.. وكل يغني على ليلاه، وليستثمر الشعب التونسي مكاسب هذه الانتفاضة حتى يحدث التغيير الذي يكفل له حقوقه وحريته المسكونةً بالكرامة وتسابيح نضالِ الياسمين. Ksa.watan@yahoo.com