* تقول الحكاية المروِّية عن (الحكيم والفيلسوف اليوناني سُقراط): أنه ذات يوم خاطبهُ أحدهم بلهفة شديدة قائلاً: يا سقراط لقد سمعتُ اليوم كلاماً في حَقِّك من أحد طُلابك، وهنا بادره (الحكيم) قبل أن تخبرني بما ذكَرَه، أودُّ منك أن تجتاز امتحاناً صغيراً يُدعى امتحان ( الفِلْتَر الثُلاثي)!!.
* الفلتر الأول: (الصدق)؛ فهل أنت متأكد من أنّ ما ستخبرني به صحيح وصادق؟، أجاب الرّجُل: (لا) لقد سمعت الخبر ولست متأكداً منه. (الفلتر الثاني): فهو «الطِيْبَة « فهَـل ما ستخبرني به أمر طيّب وجَيّد؟ فقال ذلك الرجل: أيضاً (لا) على العكس، فهو أمرُ سَيئ جداً!.
* تابعَ سقراط: إذن كُنتَ ستخبرني شيئاً سَيّئَاً عن (إنسانٍ)، وأنت غير متأكد من صِحته؛ حينها أُصِيْب الرجل بالتوتر والإحراج، لكن سُقراط أضاف: لا تقلق فما زال بإمكانك أن تنجح بالامتحان، فهناك (فلتر ثالث): وهو (الفائدة)، فهل كان ما ستخبرني مفيداً لِي؟! فقال الرجل: في الواقع (لا)! فَعقّبَ سقراط: إذا كنت ستخبرني بشيء سِيئ، وغير صحيح، ولا فائدة لِي فيه؛ فلماذا تخبرني به من الأصل؟!.
* تلك الحكاية تذكرتها وقد أصبحت (الشائعة وما تحمله من كذب ووشاية في الآخرين، واستعداء عليهم) في عصرنا الحاضر أكثر خطراً، لأنها أصبحت تقوم على أعمال منظمة في أهدافها، ومحتواها المدروس، وأساليبها الواضحة والمتنوعة، ووقت نشرها المختار بعناية فائقة؛ لاسيما ومواقع وبرامج التواصل الحديثة تساعد في انتشارها، وسرعة وصولها لكافة الأطياف؛ خاصة مع اعتناق طائفة كبيرة من النّاس -للأسف الشديد- لــ»مَذْهَب القَّصّ والّلصَـق» في نَقَل كلّ ما يَرِد إليهم دون تدقيق أو تمحيص؛ وكل ذلك بحثاً عن الشهرة والمزيد من المتابعين والمُرَتْوِتِين!.
* ولذا حَرِيٌ بالعاقِل أن يتذكر القول المأثور لــ(الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه): «أميتوا الباطِـل بتركه أو السكوت عنه...»، وعليه أن يُجَرّب (فلاتر سقراط) علَّهَا تساعده في قتل الشائعات في مهدها؛ ليساهم في الحَدّ منها؛ حتى لا تظلم إنساناً، أو وطَناً، ولكي يعيش المجتمع في طمأنينة ولُحْمَةٍ وأمان وسلام.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
