Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

لماذا لن يحتاج الجيل القادم العمل من المكاتب؟

لماذا لن يحتاج الجيل القادم العمل من المكاتب؟

A A
من خلال قراءة بسيطة في المؤشرات الاقتصادية يمكننا التنبؤ بمستقبل الوظائف في العالم، وقبل ذلك علينا إمعان النظر في سلوكيات الجيل الحالي الذي الذي نشأ على استخدام خيار البحث الصوتي في يوتيوب، ولم يستمع إلى نقرات الكيبورد الفيزيائي. الجيل الذي يدفع فواتيره باستخدام آبل باي وغيرها من الخدمات التقنية الافتراضية التي تغنيه عن فتح حساب بنكي.

سيعمل الجيل القادم مع طفرة الاتصالات بالجيل الخامس، وعصر السيارات الكهربائية "ذاتية القيادة".

وستمهد شبكة اتصال الجيل الخامس الطريق لإحداث طفرة في مجال التعليم والتعلم، حيث سيلتحق طلاب التعليم بصفوف افتراضية يرتدون فيها نظارات الواقع الافتراضي، مما يحقق لهم الاستيعاب الكامل لمواد مثل الجغرافيا وفهم اختلاف التضاريس حول العالم دون مغادرة مقاعد صفوفهم.كل شيء سيكون سهلًا فلماذا عليه العمل من المكاتب؟

هذا الجيل الذي نشأ بحرية واستقلالية وخيارات سهلة سوف يفضل الخيارات السهلة في مجال العمل، ومنها خيار العمل عن بعد.

كيف يعمل اقتصاد الخدمات؟

باتت المهارات اليوم هي أسرع طريقة للحصول على الفرص الوظيفية، فمثلًا ستجد أن التسويق الإلكتروني هو حجر الأساس لأي مشروع تجاري أو غير تجاري على الإنترنت. في السابق كانت المهارات الرقمية فقط محصورة على الوظائف الرقمية. اليوم باتت جل الوظائف تتطلب مهارات رقمية، الجميل في الأمر أنه يمكنك تعلمها من خلال الإنترنت. فإن تعلم البرمجة كمثال يفتح بابًا مهنيًا واسعًا نحو مشاريع مثل تصميم موقع أو إنشاء موقع ويب. ومن هذا المنطلق بدأت بعض الحكومات العربية في تعليم مهارات البرمجة للنشء، في السعودية يقوم الاتحاد السعودي للبرمجة بعقد معسكرات التدريب في مختلف مدن المملكة لتعليم البرمجة، وفي الإمارات أقرت حكومة دبي منهجا دراسيا لعلوم الكمبيوتر والبرمجة شاملا كافة المراحل من الصف الأول وحتى الثاني عشر. كما ساعدت وظائف الكتابة والترجمة كتُّاب المحتوى المستقلين على تكوين مسار عمل مهني واضح ومربح.

حتى الدول باتت تستثمر في تعليم المهارات التقنية لمواطنيها لأنها تعلم أن ذلك سيساهم في تطوير رأس المال البشري وتحسين الاقتصاد وبالتالي رفاه الشعب، ومن هذا المنطلق باتت خدمات صغيرة مثل تصميم شعار أو الكتابة والترجمة تُحسب ضمن اقتصاد الخدمات (Service economy)، الذي تتبناه بعض الدول النامية لتحسين اقتصادها ودعم ناتجها المحلي، وعربيًا يستأثر قطاع الخدمات بمعظم الوظائف في السعودية والأردن كمثال. وعالميًا تُسهم دولة بنغلاديش بنسبة 15% من إجمالي القوة العاملة عبر الإنترنت على مستوى العالم، واستطاع موقع Dj.com الصيني أن يضيف 170 ألف تاجر صيني من المناطق الريفية. ومما يعزز نجاح الشركات الرقمية هو أن المستهلكين لديهم الاستعداد والثقة الكاملة لتبني هذه المنتجات.

مستقبل اقتصاد الوظائف المؤقتة

حسنًا، لنتفق أن الأطفال الذي يدرسون في المرحلة الابتدائية حاليًا، ربما سيعملون حين يكبرون في وظائف لا نعلم عنها شيئًا حاليًا. إن اقتصاد الوظائف المؤقتة الذي يتيح للشركات التعاقد مع أفراد مستقلين للقيام بمشاريع وأعمال قصيرة الأجل، هو اقتصاد يُنبئ عن وجه جديد من ممارسة العمل، حيث يمكن للشركات العمل عن بعد وفي الوقت نفسه، يمكن لهذا الاقتصاد المرن من الوظائف أن يمنح العاملين إمكانية تحديد ساعات العمل حسب رغباتهم الشخصية.

عليك التكيف مع الطبيعة المتغيرة للعمل والنظر بعيدًا إلى شركات عربية تعمل عن بعد، لمحاولة فهم كيف قامت التكنولوجيا بتبسيط إجراءات العمل، حيث طمست الحدود الجغرافية للشركات. وبات يمكن للشركات الناشئة اليوم أن تصبح شركات عالمية في عدة أيام، مقياس العالمية هنا هو (وصول منتجاتها لكل أنحاء العالم).

مقارنة بالشركات التقليدية تتوسع الشركات الناشئة التي تعتمد منتجاتها على التقنية بشكل أسرع وبتكلفة أقل، خذ شركة أيكيا كمثال والتي تأسست عام 1943، لكنها انتظرت ما يقرب من 30 عامًا حتى تتوسع في أوروبا، وبعد 70 عام بلغت إيرادات المبيعات العالمية السنوية 42 مليار دولا، في المقابل تمكنت شركة علي بابا الصينية التي انطلقت من الإنترنت من الوصول إلى مليون مستخدم خلال عامين فقط، وجمعت 9 ملايين تاجر عبر منصتها على الإنترنت، وحققت مبيعات سنوية بلغت 700 مليار دولار خلال 15 عامًا. حلت أجهزة الروبوت في المصانع وقضت على الآلاف من المهام الروتينية في الوظائف المتدنية، لكنها في المقابل تخلق فرصًا وظيفية في مجالات أخرى، توّلد التكنولوجيا قطاعات جديدة ومهام جديدة في البرمجة أو المعاملات المالية وغيرها

الخوف من الأتمته أو تولي الروبوتات بعض المهام الروتينية هو خوف غير مبرر، لن يكون البشر عُرضة للاستبدال، بل على العكس يمكن لهذه التقنيات أن تحسن الوضع العام للمجتمع وتخلق فرصًا جديدة في التوظيف

الاقتصاد التشاركي صنيعة الاقتصاد الرقمي

لم يعد الوجود المادي شرطًا أساسيًا لنجاح الأعمال، وبالنظر إلى شركات الاقتصاد التشاركي مثل أوبر

(Uber) التي لا تملك السيارات هي أكبر شركة أجرة في العالم، وشركة إير بي أن بي (Airbnb) هي أكبر مؤجر للغرف والشقق الفندقية في العالم بفضل الأفراد الذين يعرضون منازلهم للإيجار أو حتى مشاركة غرفة في المنزل والأمر نفسه على شركة وي وورك (WeWork) التي تدير عدة عقارات مكتبية حول العالم وتعتبر مزودا لأماكن العمل الجماعي أو Co-Working Spaces. ولا تملك أي عقار منها!

وعربيًا قامت شركة حسوب بدفع أكثر من 5 مليون دولار كأرباح إلى العاملين المستقلين حيث تدير مستقل أكبر منصة للعمل الحر عربيًا وموقع خمسات أكبر سوق عربي لبيع وشراء الخدمات المصغرة، هناك أكثر من مليون مستخدم مسجل في منصات حسوب، وتعمل الشركة بشكل موزع عن بعد وفريق عملها مكون من أكثر من 40 موظف يتواجدون في عشر دول مختلفة. مثل هذه الشركات التي تعمل ضمن الاقتصاد الرقمي غيرت قواعد اللعبة وأعادت تعريف قطاعات كاملة وساهمت في خلق وظائف جديدة لم نكن نعرفها أو أعادت تعريف وظائف سابقة بأسلوب عمل جديد.

إن الزمن الذي يبقى فيه المرء في وظيفة واحدة أو مع شركة واحدة لفترة طويلة هو أسلوب في طريقه للاندثار.



contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store