Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

60 % طلاق بسنة أولى زواج.. تأهــــيل تحت الصفر.. وتفاهم في الإنعاش

60 % طلاق بسنة أولى زواج.. تأهــــيل تحت الصفر.. وتفاهم في الإنعاش

مؤشرات انهيار منظومة الأسرة تظهر بالشهور الأولى

A A
60 % من حالات الطلاق تقع في العام الأول للزواج، رقم مفزع كان من الواجب أن يستثير قدرات المجتمع الكامنة للبدء في البحث عن أوجه الخلل في منظومة الأسرة، ولكنه مر مرور الكرام مثل الكثير من الظواهر الاجتماعية الهامة، وفيما يرجع البعض الأزمة إلى تجاهل معظم الأزواج حاليا لمهامهم ومسؤولياتهم مما يؤدى إلى بروز مؤشرات الطلاق منذ الأشهر الأولى نتيجة عدم التأهيل الجيد، يرى البعض أن وسائل التواصل الاجتماعي وابتعاد البعض عن هوية مجتمعنا وقيمه من العوامل التي تدفع باتجاه هدم الأسر مبكرا لدخول التفاهم الأسري حجرة الإنعاش. وإذا كان الإعلام والفن يمثلان عنصرا في مواجهة الأزمة من خلال أعمال هادفة، فإن الدولة على الصعيد المؤسسي يجب أن يكون لها دور تحصيني أكبر في المواجهة، من خلال إلزام المقبلين على الزواج بدورات تأهيلية، وربما تكمن المشكلة في اعتقاد كثير من الشباب والفتيات أن السنة الأولى للزواج هي لتحقيق الحلم الذي ظل يراودهم سنوات من خلال العيش في رومانسية وسعادة أفلاطونية بعيدا عن فهم معنى منظومة الزواج والمسؤولية، ومن الطبيعىي أن يقود هذا الفهم المشوش عن مؤسسة الزواج لهدم عش الزوجية بالطلاق دون أن يحاول أحد الطرفين إنقاذها بتقديم أي تنازلات، وذلك لأن فكره من الأساس عن الزواج لم يكن صحيحا، وقد كشف مركز التنمية الأسرية أن نسبة 60% من حالات الطلاق تحدث في العام الأول، مما يجعل الأمر جديرا بالطرح والمناقشة.

العناد وإفشاء الأسرار يهدد الاستقرار الأسري

تقول راوية أسعد فيصل شابة عمرها 26 سنة خريجة محاسبة وتعمل في إحدى شركات القطاع الخاص: تزوجت شابا من أسرة كريمة وكانت الأمور في فترة الخطوبة من أروع ما يكون في المحبة والود والتفاهم، وتزوجنا في حفل اشتركت الأسرتان في تكاليفه المادية، واستمرت الحياة على ما يرام لمدة 5 أشهر رغم بعض المنغصات التي ظهرت من الشهر الأول، لكن انقلبت الأمور بعد ذلك إلى أن وصلت للطلاق، وتضيف: أول مشكلة واجهتنا كانت تفاصيل الحياة اليومية فهو متعود على نمط وروتين معين وأنا كذلك ولم نكن نلتقي في نقطة مشتركة لأنه كان لا يرغب في التنازل كونه الرجل وأنا أرى أنه متساوٍ معي في الحقوق والواجبات فحصلت مشاكل وتعنت ومن ثم الطلاق.

أما تركي أحمد شاب عمره 30 سنة تزوج لمدة سنتين وانتهى الزواج بالطلاق يحكى قصته ويقول: تزوجت بشكل تقليدي فتاة وجدت فيها أشياء كثيرة مشتركة، وكانت الحياة ممتازة لكن مع مرور عدة أشهر ظهر فيها عيب خطير تستحيل العشرة معه وهو نشر كل تفاصيل حياتنا ويومياتنا على سناباتها الشخصية، والمشكلة أنها كانت تنشر كل ما يدور في بيت الزوجية، أكلنا وحواراتنا بل وصل بها الأمر أن تطرح خلافاتنا كموضوع نقاش لتأخذ رأي وتجارب الصديقات والمتابعات، وبصراحة لم يكن لدي علم بما يدور في سنابها إلا من خلال زوجة صديق لي كانت مضافة لدى زوجتي ونصحني بتخفيف نشر حياتي في السوشيل ميديا وصدمت، وعندما واجهتها فوجئت برد صادم أنه ليس من حقي أن أمنعها لأن ذلك حرية شخصية، ومن هنا بدأت الحياة تأخذ شكلا آخر وأراد الله أن يرزقني منها بطفل توقعت بعد الولادة أن تنشغل وتتغير لكن الأمور ظلت على ما هي عليه بل وقد عاندت وخرجت من البيت وطلبت الطلاق وقد كان.

خان: ضعف الوعى والتشبث بالرأي يطيح بمؤسسة الزواج

يقول الدكتور سهيل خان استشاري الطب النفسي بمستشفى الصحة النفسية بجدة، إن زيادة معدلات الطلاق في العام الأول من الزواج ترجع إلى ضعف الوعي باحتياجات وقيم مؤسسة الزواج وعدم تقبل الاختلاف في الرأي والشعور بالفارق بين الحلم والحقيقة، واصفا الظاهرة بالمؤلمة على الصعيد الاجتماعى. وأشار إلى أن التربية على الأفلام والمسلسلات الرومانسية غالبا ما تشعر الزوجين بفجوة كبيرة عندما يدخلون الحياة العملية، فيما لا يرغب أي منهما في تقديم أي تنازلات وتشتعل الخلافات على وقع عبارات (أنا اتربيت كده ومن أنت كي تغير ما أعتقده وأؤمن به) أو (أنا هذا طبعي ولن أغيره من أجلك) مشيرا إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في تعميق الشروخ الاجتماعية، نتيجة تمسك كل فرد بآرائه ومعتقداته. ولفت إلى أن من بين الأسباب أيضا الانجراف العاطفي غير المقنن مما قد يقود للشك والغيرة وعدم الثقة خصوصا إذا كان الطرفان من أسرة محافظة، وبعد الزواج يحاول كلاهما الانفتاح وإزالة بعض القيود، عكس ما تربوا عليه فتقع المشاكل، معربا عن أسفه لبروز ظاهرة تحليل الشخصيات وسماتها من خلال الأبراج والتي يعتقد فيها كثير من الشباب والشابات، فبتنا نسمع المرأة الدلو والرجل الأسد والرجل الحوت والمرأة الجوزاء وأصبح الجيل يتعامل بها في علاقاته وكأنها مسلمات وأحيانا تعطيهم قناعات خاطئة عن الشريك، كما أصبح الزوج الشاب يستشير صديقه في نفس العمر، وليس كبار السن وكذلك الفتاة تلجأ لصديقاتها وليس للأم أو العمة أو الخالة أو الجدة، مشيرا إلى أن ضعف الخبرات يؤدى إلى الاستسلام في مواجهة صعوبات الحياة. وأشار د. خان إلى أهمية اللجوء إلى مشورة الأشخاص الذين يتمتعون بخبرات حياتية قريبة من متغيرات العصر الراهن.

63 % نسبة التوافق الزواجي

كشفت دراسة أجراها الباحث الحسين بن حسن السيد من جمعية مودة بجدة تحت عنوان (معايير اختيار شريك الحياة وأثرها في تحقيق التوافق الزواجي)عن أن 63% من المتزوجين مستوى التوافق الزواجي بينهما متوسط و 19% مرتفع فقط وكشفت الدراسة أن طرق اختيار شريك الحياة الأكثر شيوعاً على الترتيب هي الاختيار عن طريق

الأهل والأقارب، المعرفة الشخصية، الأصدقاء، زملاء العمل، الإنترنت، الخاطبة، اما معايير اختيار شريك الحياة الأكثر شيوعاً على الترتيب فهي الخلق، التدين، الجمال، والمكانة الاجتماعية، الوظيفة، الغنى. وخلصت الدراسة التي شملت عينة تجاوزت 1000 شخص 64% من الرجال و36%من النساء إلى مجموعة نتائج منها وجود فروق ذات دلالة إحصائية في التوافق الزواجي تبعاً لمتغير المؤهل العلمي.

ثلث حالات الزواج مصيرها الفشل

كشف مركز التنمية الأسرية عن أن نسبة 60 % من حالات الطلاق تحدث في العام الأول، لعدة اسباب منها تدخل كثير من الأسر في حياة الأبناء الزوجية، وعدم اعتماد الأزواج على أنفسهم، وضعف الحس بالمسؤولية، وعدم تكافؤ الأزواج من النواحي الاجتماعية والاقتصادية، إضافة إلى تكاليف حفلات الزواج الباهظة بجانب عدم التوافق العاطفي والفكري، وبينت نتائج الكتاب الإحصائي السنوي لعام 2018 الذي صدر عن مصلحة الإحصاءات العامة، أن عدد صكوك الطلاق الصادرة عن وزارة العدل خلال 2017بلغ 53 ألف صك من إجمالي الصكوك وعقود الزواج 150 ألف عقد.

الدوسرى: برامج التأهيل الاسرى تقلص حالات الطلاق

يقول محمد الدوسري مأذون شرعي ومستشار أسري: تعتبر الأشهر الأولى من الزواج خطا فاصلا ما بين الحياة قبل الزواج ومافيها من رقة ورومانسية، وحياة مابعد الزواج ومافيها من تحديات ومسئوليات وتبعات وهي خطوة حرجه حساسة في درب الحياة إما أن تكون أو لا تكون، وأشار إلى دراسة أجريت في قسم الاجتماع وعلم النفس بجامعة الإسكندرية كشفت أن 45% من حالات الانفصال بين الأزواج تقع في السنة الأولى من الزواج الامر الذي يحتم على المصلحين واهل الخيران ينظروا للظاهرة نظرة المصلح والمشفق، وارجع أسباب الطلاق في السنة الأولى إلى طول فترة الانتظار بين الخطوبة (الملكه) وفترة الزواج .

وأشار إلى أن حالات الطلاق المتزايدة للأسف في أغلبها تكون لأسباب تافهة تدل على نقص المعرفة والتأهيل والاعداد، وقد سجلت المحاكم السعودية حوالي 53 ألف حالة طلاق في عام 2017 بمعدل 149حالة طلاق في اليوم وان ثلث المتزوجين حديثا للأسف مطلق أو في طور إجراءات الطلاق. وأشار إلى أن برامج التأهيل للزواج في الاحساء ساهمت في انخفاض نسب الطلاق من 20% في عام 1426هـ إلى 14% عام 1428 حسب جمعية التنمية الأسرية للأحساء كما أثبت دراسات علمية أجريت في مدينة جدة والقصيم على من حضروا البرنامج التاهيلي بعد عام من زواجهم أن نسبة الطلاق بينهم لم تتجاوز 7% ومن التجارب العالمية إلزام ماليزيا المقبلين على الزواج بدخول معاهد خاصة للتأهيل منذ عام 2000، يحصلن بموجبها على رخصة الزواج كشرط أساسي لإتمام عقد الزواج لدى القاضي مما ساهم في انخفاض نسبة الطلاق من 35%الى 7%فقط، وأعرب عن أسفه لهروب بعض الأزواج من المنزل إلى جلسات الأصدقاء في الاستراحات او المقاهي والسفر معهم، ليصبح البيت محطة للتزود بالطعام وغسل الملابس، وتقول زوجة ما أن يصل زوجي للبيت حتى يسألني عن الطعام واللباس حتى اذا جلس يأكل يرن صديقه فيلبس ملابسه ويخرج، و لم اعد اشعر اني زوجة.

المحرج: المسلسلات التركية والكشتات ترفع الطلاق

يرجع المحامي بندر المحرج أسباب الطلاق المبكر إلى عدم تهيئة الابناء لهذا المشروع المستقبلي والاكتفاء بما لديهم من معلومات مصدرها الإعلام ووسائل الاتصال والصداقات والمجالس مشيرا أن طريقة تعامل الأبوين فيما بينهم لها تأثير بالغ وعميق وشبه دائم على الابناء. وانتقد تخلى بعض الاسر عن واجباتها فحينما نتحدث لوالد الزوج يرد بأن ابنه لا يسمع الكلام، وحينما تتحدث مع ام الزوجة ترد بأنه حرة وهذه حياتها الخاصة. كما أن من اهم الأسباب التأثر بالمسلسلات وخصوصا التركية، اذ تظن الزوجة أن الحياة كلها حب ورومانسية ومقاهي ومطاعم، فإذا عاشت الواقع ومسؤوليات الزواج ومتطلباته وقدرات زوجها المادية بدأت تتململ وتصنع المشكلات، منتقدا استعانة الزوجة في كثير من الأحيان بالاستشارات التي تطرحها مواقع مجهولة واعتبارها المنقذ لها. واعرب عن اسفه لعدم استعداد الزوج في اغلب الحالات لتغيير عاداته خصوصا مسألة الاستراحات والكشتات والسفريات مع الأصحاب وكأن قدر الزوجة البقاء في المنزل. واشار إلى أن سهولة إجراءات التقاضي في القضايا الزوجية مؤخراً أصبح معه إنهاء العلاقة أيسر من إنشائها، وخلص إلى أهمية إطلاق دورات متخصصة لإعداد الراغبين في الزواج واعتبارها شرطاً للزواج.

ماجد العبيد: صراع الأدوار يفجر الخلافات الزوجية

يقول الفنان والإعلامي والأكاديمي المخضرم ماجد العبيد إن هناك خللا اجتماعيا واضحا نتج عن المتغيرات الاجتماعية في السنوات الخمس الأخيرة، وابرزها وسائل التواصل الاجتماعى، مشيرا إلى أن هذا التغير المفاجئ غير التدريجي ادى إلى خلاف في تقسيم المهام داخل الأسر، فأصبح الرجل يرى أن المرأة لابد أن تطيعه وتكون خادمة له ولبيته ولأولاده، فيما ترى هى ضرورة أن تكون شريكة في القيادة وأصبح الطفل يرى الأم كما يراها في التلفزيون في مجتمعات خضعت لتغير تم التكيف الاجتماعي معه، كما أصبح الزوج يؤمن بضرورة أن تكون الزوجة شريكة أن لم تكن في الفعالية لابد أن تكون في الاقتصاد الانفاقي والزوجة في المقابل نتيجة التغيرات والضغوط الإعلامية أصبحت ترى الامور من وجهة نظر أخرى، ونجم عن ذلك عدم الاستقرار الاسري وحالات الطلاق الكثيرة، كما أن من العوامل التي تؤدى إلى الطلاق المبكر اقتسام المهام داخل وخارج المنزل وخروج المرأة إلى سوق العمل بصرف النظر عن مقوماتها وظروفها وهو ما ادى في بعض الحالات إلى خلل وارتفاع يقين المرأة بأن الرجل أصبح وجوده ليس مهما مشددا على أن المرأة يجب أن تكون شريكة في مختلف الاحوال، ولكن التغيرات المتلاحقة مع ضيق الوقت وانعدام الاستقرار الذهني جعل التكيف مسألة صعبة كما أن للتنشئة الاجتماعية دورا مهما في الاستقرار الاسرى، واشار العبيد: نحن نشأنا في بيئة مر عليها على الأقل ٢٠عاما وهنا نتكلم عمن هم في سن الزواج الآن وبالتالي فتنشئته تختلف عن الجيل السابق، والجيل القادم ستكون الصورة لديه مغايرة عما هى عليه الآن، وبالتالى ادعو الجميع إلى ضرورة تفهم قيم وضوابط الحياة الزوجية من اجل الاستقرار الذى يبنى على الوعى والشعور بالمسؤولية، ودعا وسائل الاعلام خاصة الحكومية للعمل على تكثيف النوعية وتقديم برامج وأعمال درامية ورسائل اعلامية وتوعوية وثقافية تسهم في تبني المفاهيم الجديدة، ومن واجبنا كرجال أن نتفهم التغير غير المقبول عند كثير منا وان نتكيف مع الحياة الزوجية.

الحارثي: صدمات الزواج تعري «مثاليات» فترة الخطوبة

ابرز عبدالعزيز الحارثي مستشار اسري واجتماعي اهمية انشاء مجلس الأسرة وبرنامج جودة الحياة ولجان إصلاح ذات البين في الحد من نسبة الطلاق مؤكدا على اهمية حسن الاختيار والتوافق بين الزوجين واعتماد دورات التاهيل ما قبل الزواج عبر مختصين بنفس المجال. ويضيف أن صدمة ما بعد الزواج تبرزحين يتبنى الزوجان في فترة الخطوبة المثالية ويتقمصوا شخصيات ومبادئ ليست لهم وسرعان ما تتلاشي خلال ثلاثة شهور، وغالبا ما تفشل مرحلة ماتسمى فرض السلطة عند علماء الاجتماع بين الزوجين خلال الثلاث أشهر الأولى بين قبول طرف ومقاومة آخر مما يؤدي لفشل العلاقات كما يؤدي تدخل الأسرة في علاقة الزوجين لحدوث الطلاق.

المحيميد: الفروق الاجتماعية والفكرية أبرز الأسباب

تقول حصة صالح المحيميد مستشارة أسرية ومدربة معتمدة دولياً: الطلاق في الوقت الحالي ارتفعت نسبته في جميع المراحل العمرية وخاصة المرحلة الأولى من الزواج وما أسميها (سنة أولى زواج)

نتيجة ضعف الوعي والفهم والإدراك حول الزواج بمفهومه الحقيقي لدى الطرفين والفروق الاجتماعية والعمرية والفكرية والتعليمية والبيئية والشخصية. وأشارت أيضا إلى سهولة الطلاق والنظر إليه كحل رغم أنه مجرد هروب فقط وسرعة اتخاذ القرارات دون الرجوع لأهل الاختصاص.

وأشارت إلى ضعف البعض في ضبط النفس والتحكم بالانفعالات والانجراف مع الذات ومحاولة إثبات الوجود، وضعف دور الإعلام المرئي والمسموع والاكتفاء بخطابات توجيه وإرشاد معتادة ومعروفة منذ زمن لافتة إلى تيسير تكاليف الزواج من الوالدين أسهمت في زيادة معدلات الطلاق لأن من يدفع في الأولى سيدفع في الثانية، ودعت مجلس الشورى لإصدار تشريع قانوني جديد يلزم الزوجين بشهادة حضور دورة تدريبية للمقبلين على الزواج قبل إتمام عقد النكاح، كما يحتاج إعلامنا الوصول للجامعات وعمل برامج توعوية للحد من الطلاق المبكر.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store