Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد بشير كردي

عيد الحب الدائم

A A
ما أن يحلُّ يوم القديس فالنتاين للحب تتوزَّع في عالم الغرب وفي مجتمعات التقليد في بلداننا العربيَّة الورود الحمراء على المحبِّين صغارًا وكباراً.. وفي اليوم التالي ليوم القديس فالنتاين تعود حليمة لعادتها القديمة الرتيبة.. ويعود كلُّ ما هو أحمر إلى موقعه بين الألوان، وبما يتفق مع ديكور المنزل وأناقة الملبس.

عيد الحبِّ ليس مرتهنًا بيوم محدِّد من كلِّ عام، ولا يحتاج تعبير المحبِّين عن حبِّهم لبعض بطاقة معايدة أو إهداء باقة ورود حمراء لأحبَّائهم.. الحبُّ هو عاطفة مصدرها السعادة، وجوهر الإنسان ليمتاز فيه البشر من الكائنات الأخرى.

يذكر الأديب موسى سلامة في كتابه (تاريخ الحب) نوعين من السعادة، كما أنَّ هناك نوعين من الحبَّ.. فسعادة الغرائز سرور -كلذَّة الأكل أو الشرب- زائل، وسرور عاطفي ما أن نشبع منه حتى ينطفئ.. لكن السعادة القيِّمة هي ثمرة الوجدان والتعقُّل.. وكذلك الشأن في الحبِّ العاطفي الذي ينشأ من أوَّل نظرة؛ فهو سرور زائل.. لكن الحبُّ الوجداني الذي يُعتمد فيه على التعقُّل والتبصر ووزن القيم البشريَّة، هو أكثر من السرور.. إنَّه سعادة مقيمة.. ورحمَ اللهُ المتنبّي القائل:

يُحبُّ العَاقِلُونَ على التَّصَافي

وَحُبُّ الجَاهِلِينَ علَى الوَسَامِ

لدينا في مجتمعاتنا العربية والإسلامية من المناسبات والأعياد ما يغطي كلَّ أيَّام السنة.. منها أسريَّة لها خصوصيَّاتها، ودينيَّة ووطنية تجمع أطياف مجتمعنا على المودَّة والتصافي والمحبَّة.. من منَّا ممن فتح عيونه على دنيانا قبل خمسينيَّات القرن الماضي ولم يستقبل المناسبات الدينيَّة بما تستحقَّه من فرح وسرور وترقُّب وتوقُّع ما هو قادم من كسوة جديدة وعيديَّات نقديَّة نصرفها على ملاهي العيد التقليديَّة! ومَن لم ينتظر المناسبات الوطنيَّة كاليوم الوطني عندنا وأعياد الاستقلال عند الدول التي نشترك معها في العقيدة والمعاملات ليشارك في بهجتها وشعور بالانتماء.. مناسبات من شأنها توطيد أواصر المحبَّة بين أطياف المجتمع كافَّة، وعندما تقترن المناسبة بهدية رمزية خاصة، اقتداء بسنَّة رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام: (تَهادوا تحابُّوا).. وكان عليه الصلاة والسلام يهدي، ويقبل الهديَّة.

تبادل الهدايا نجده اليوم عند اليابانيِّين في الزيارات المتبادلة.. يقدِّم الزائر هديَّة رمزيَّة لمن قصده بالزيارة، ويتلقّى منه عند مغادرته هديَّة مماثلة.. وفي مناسبات الزواج، يرسل المدعوُّون للحفل مظروفًا مزركشا بداخله مبلغ نقديٌّ لم تلمس أوراقه يد من قبل.. ويتلقَّى المرسل من العروسين في نهاية الحفل كيسًا أنيقًا بداخله مجموعة هدايا تذكاريَّة قد تقارب قيمتها المبلغ النقدي المقدم داخل المظروف المزركش.. وجدير بالملاحظة أنَّ حفلات الزواج في اليابان تقام في النهار، ويقدَّم الغداء في موعده المعتاد، وينفضُّ الحفل بعد تناول المدعوين الوجبة.. بعدها تبدأ عند العروسين إجازة شهر العسل.

وهنا أتساءل مستفسرًا: من نقل لهم هذا السلوك الذي وجَّهنا إليه رسولنا الكريم قبل أربعة عشر قرنًاَ؟

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store