Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيل بن حسن قاضي

«قصص وعبر» الفتيحي: إبحارٌ في محيطات التجربة

شذرات

A A
أهداني الصديقُ العزيزُ الأستاذ أحمد حسن فتيحي نسخةً من كتابه الأنيق «قصص وعبر» الذي أطلَّ من خلاله القارئ على خلاصة من التجارب الاجتماعية والإنسانية والإدارية التي قدَّمها المؤلفُ بعد أنْ عركتْه تلك التجاربُ أو هو عركها.

اشتمل الكتابُ على (74) نصاً قدَّمها المؤلف بأسلوبٍ سهلٍ وممتعٍ عمَّق من خلاله الغاية من كتابه بحيث تكتسبُ هذه النصوصُ بجانبِ قيمتِها الفنيةِ الجماليةِ قيمةً أخلاقية بما تحتشدُ به من قيمٍ فاضلةٍ وما تكتنزُه من عِبرٍ في مقامِ التأسي والاعتبار.

لفت نظري ما خطَّه يراعُ المؤلفِ في الصفحةِ الأولى حيث يطلُّ على قارئِه بهذه المفردات الرشيقة:

«كلٌ منا (قصة)، تتشابهُ ولا تتطابقُ.. وفي كلِّ قصةٍ عِبرةٌ، وفي كلِّ عِبرةٍ فائدةٌ لمن يستوعبُها..والعِبرُ كثيرةٌ، والاعتبارُ قليلٌ، ولا تُستوعَبُ العبرُ الَّا لمن أراد الله له أن يفهمَها ويعرفَ مغزاها، ويتذكَّرَها عندما يحتاجُها.. هذه قصصٌ، فيها بعض العِبر».

جاءتْ بدايةُ القصصِ مع (البر) والخاتمة مع (الزعلان) وبينهما 72 قصة، توقفتُ ملياً عندها، واستوقفتْني جميعُها خاصة تلك المعنونةَ بـ( الثرثارون)، حيث يقولُ فيها: «إن معظم ما تسمعُه من هؤلاءِ ليس الحقيقة ولا قريباً حتى منها..وإنما هم ثرثارون يتكلمون دون أن يعلموا، ويتحدَّثون دون أن يفقهوا، يُرضون أنفسَهم بانتزاعِ الإعجابِ والانتباه، والويلُ لمن يعارضُهم!!».

لقد وجدتُ في هذا السِّفرِ نزعةً إصلاحيةً للفكرِ الاجتماعي، عبر أسلوبٍ سرديٍّ قصصيٍّ يحملُ الكثيرَ من المضامينِ العميقةِ والمعاني الساميةِ التي بثَّها الكاتبُ مُعبِّقةً أثيرَ كلماتِه التي لامست القلوبَ قبل العقول، بأسلوبٍ شيِّق تماهى فيه المؤلفُ مع دافعيةِ التحريض على القراءة لكل الشرائحِ المجتمعيةِ، ناقلاً تجاربَ واقعية من خلالِ مفرداتٍ عذبةٍ، جاعلاً من السَّردِ القصصي أيقونةً يتوقُ اليها القراء.

لقد نجح المؤلفُ في تقديمِ بانوراما من التجاربِ الانتقائية، فجاء هذا السِّفر ناطقاً بلغةِ الواقع.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store